من الالتفات إليه حتّى يتمكّن من إحرازه.
قلت : مع أنّ الاستمرار على العدم إذا كان قائما بما يكون من مقولة الأفعال ربّما يفتقر إلى التأثير ، أنّ عدم الضدّ عند من يراه مقدّمة أعمّ من العدم الغير المسبوق بالوجود والعدم المسبوق به المعبّر عنه بالارتفاع ، بل الثاني أولى بالمقدّميّة كما لا يخفى ، ولذا خصّ المقدّميّة بعض المحقّقين به ونفاها عن الأوّل.
ولا ريب أنّه يفتقر إلى تأثير وليس من جملة ما يلتفت إليه من المقدّمات طلبا لإحرازها.
وثالثها : طريقة العرف والعادة على التعبير عن شيئين بينهما ترتّب في الوجود الخارجي وتوقّف لأحدهما على الآخر بتوسّط أداة الترتيب ، فيقال : « تطهّر زيد فصلّى » و « نصب السلّم ثمّ صعد » و « قطع الطريق ثمّ حجّ » ولا يصحّ ذلك في ترك الضدّ بالقياس إلى فعل الضدّ الآخر ، فلا يقال : « ترك القيام فقعد » ولا « ترك الأكل فنام » ولا « ترك السفر فحضر » كما لا يقال : « حرّت الشمس فضاءت » فلولا أنّهما متلازمين حصل التلازم بينهما اتّفاقا لما كان الأمر فيهما كذلك.
ورابعها : لو تمانع الضدّان لكانا متنافيين والتالي باطل فكذا المقدّم.
أمّا الملازمة : فلأنّ التمانع لا يثبت إلاّ على تقدير كون كلّ نافيا للآخر لا بمجرّد عدم الاجتماع وإلاّ لكان المثلين أيضا متمانعين لامتناع اجتماعهما في محلّ واحد ، وهو باطل للقطع بأنّه لا توقّف بين وجود أحدهما مع عدم الآخر ، بل هما متلازمان معلولان لعلّة ثالثة وهي فرض الاثنينيّة بينهما فإنّ الاجتماع رافع لها.
وأمّا بطلان التالي : فلما قرّر في المعقول من أنّ المنافاة بين الشيء ورفعه ذاتيّة ، وأمّا بينه وبين شيء آخر مضادّ له عرضيّة ، لكون كلّ مستلزما لرفع الآخر بحيث لولا استلزامه لذلك لما كان منافيا له أصلا.
وإن شئت فلاحظ كلام أهل المعقول ، حيث قالوا : إنّ منافي الشيء إمّا رفعه أو مستلزم رفعه ، لأنّ ما عداهما يجوز اجتماعه مع ذلك الشيء قطعا ، ولا شكّ أنّ منافاة رفع الشيء معه إنّما هي لذاتهما ولذلك إذا لاحظهما العقل مع قطع النظر عمّا عداهما تفصيلا أو إجمالا حكم بالمنافاة بلا توقّف ، وأنّ منافاة مستلزم رفع الشيء معه إنّما هي لاشتماله على رفعه إذ لولا اشتماله عليه لما ينافيه قطعا ، فالمستلزم لرفع الشيء إنّما ينافيه على سبيل التبع لا لذاته ، ولذلك إذا لاحظ العقل مفهوما ولاحظ معه مفهوما آخر مغايرا للمفهوم الأوّل فما لم