منها : رجوعه إليه بحسب القائل ، بمعنى أنّ من يجعل الضدّ الخاصّ منهيّا عنه لا يريد به فعلا خاصّا معيّنا في الواقع من حيث عدم تعلّق غرض بنفي الخصوصيّة والتعيين ، بل يريد به أحد الأفعال المضادّة للمأمور به وهو الّذي يزاحمه بوقوعه في محلّه سواء حصل التلبّس به حين الخطاب وقبله فيراد بالنهي عنه الحمل على العدول عنه إلى إيجاد المأمور به ، أو لم يحصل التلبّس بعد فيراد بالمنهيّ عنه المنع عن الإقدام على إيجاده قبل أداء المأمور به.
وظاهر أنّ هذا المعنى لا اختصاص له بفعل معيّن ، فمن يقول بالنهي عن الضدّ الخاصّ يريد به أحد الأضداد الوجوديّة ، ومن يقول بالنهي عن أحد الأضداد يريد به الضدّ الخاصّ.
ويؤيّد هذا المعنى ما في بعض حواشي شرح المختصر للعضدي من توجيه الاعتراض على استدلال الحاجبي على عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه بأنّه : لو كان الأمر نهيا عن الضدّ لم يحصل بدون تعقّل الضدّ والكفّ عنه لأنّه مطلوب بالنهي ونحن نقطع بالطلب مع الذهول عنهما.
فقال العضدي : « واعترض : بأنّ المراد الضدّ العامّ وتعقّله حاصل ».
وذكر المحشّي في توجيهه : أنّه لا نسلّم انتفاء اللازم وحصول القطع بطلب حصول الفعل مع الذهول عن الضدّ ، وإنّما يصحّ لو اريد الضدّ الخاصّ الّذي هو جزئيّ من جزئيّات ما لا يجامع المأمور به كالقعود بالنسبة إلى القيام.
أمّا لو اريد الضدّ العامّ أعني أحد الأضداد لا على التعيين فلا ، إذ الطالب إنّما يطلب الفعل إذا علم أنّ المأمور متلّبس بضدّه العامّ لا بالفعل نفسه ، والعلم بعدم تلبّسه بالضدّ مستلزم لتعقّل الضدّ » انتهى.
ومنها : رجوعه إليه بحسب الاسم والتسمية ، بمعنى أنّ أحد الأضداد وإن كان يسمّى بالضدّ العامّ لما فيه من الشيوع والانتشار غير أنّ ما اعتبر فيه من الكلّية أمر جعلي منتزع عن الخصوصيّات وليس له حقيقة في الظاهر والواقع سوى الخصوصيّات فالّذي لاحظه الآمر لإرادة النهي عنه إنّما هو ما يقع عليه اسم الضدّ الخاصّ ، غاية الأمر أنّه لمّا لم يكن متعيّنا ولا معتبرا فيه الخصوصيّة فوقع عليه اسم العامّ أيضا وعبّر عنه بأحد الأضداد الوجوديّة ، فالاختلاف بينهما اختلاف في التعبير وإلاّ فاللبّ المنوط بما في ضمير الآمر واحد.
ومنها : رجوعه إليه من حيث الحكم والثمرة ، بمعنى أنّ أحد الأضداد الوجوديّة وإن كان بمفهومه يغاير الضدّ الخاصّ لأنّه كلّي وهو جزئي ، إلاّ أنّ النهي المتعلّق به ظاهرا لابدّ