الاحتمالين الآخرين بحيث لا يكاد أحد يتوهّمه في المقام.
فحينئذ يكون أحد الأضداد المنهيّ عنه في مقابلة الصلاة المأمور بها من باب الغصب والصلاة فيكون النهي في مادّة الاجتماع راجعا إلى الوصف الخارج والجمع مأموريّا والصلاة صحيحة.
ولعلّ الّذي يجعل المنهيّ عنه أحد الأضداد لا يريد به هذا المعنى حتّى يلتزم بالفرق بينه وبين القول بالنهي عن الضدّ الخاصّ ، بل يريد أحد المعنيين الأوليين وعليه ينتفي الفرق ويصير الجمع أيضا آمريّا والعلّة تعليليّة ومفاد الأمر بالصلاة والنهي الضمني عنها راجعا إلى قوله : « صلّ ولا تصلّ صلاة تزاحم الإزالة المأمور بها ، أو تضادّها في محلّ وقوعها » فيلزم أن يكون الصلاة باطلة لامتناع اجتماع الأمر والنهي في تلك الصورة على مذهب المعترض ، ضرورة أنّ الصلاة في موضع المزاحمة عين ما تعلّق به النهي وهو أحد الأضداد بشرط المزاحمة لكونها مصداقا له وعين ما لوحظ في القضيّة الترديديّة وتعلّق به النهي بنفسه.
مع أنّ هذه الدعوى على فرض جريانها في الضدّ العامّ بهذا المعنى يمكن جريانها في الضدّ الخاصّ أيضا ، لأنّ المراد به إمّا أن يكون كلّ واحد من الأفعال الخاصّة المضادّة للمأمور به على طريق العام الاصولي ، أو بعضا منها معيّنا في الواقع وفي نظر الآمر ، أو بعضا منها لا على التعيين ، أو طبيعة الضدّ بما هي طبيعة وهي الأمر الوجودي الّذي لا يجامع المأمور به مع قطع النظر عن أفراده وهي الأفعال الخاصّة ، فالّذي يصحّ في كلام القائل بالنهي عن الضدّ الخاصّ هو الأوّل والأخير لوضوح فساد كلّ من المتوسّطين ، والفرق المذكور إنّما يتّجه على الأوّل من الصحيحين للزومه كون الصلاة بعينه منهيّا عنها لعلّة تعليليّة.
ولعلّ مراد هذا القائل هو الثاني وهو الوجه الأخير فحينئذ يرجع النهي عنه بالقياس إلى الصلاة المأمور بها إلى كونه نظير النهي عن الغصب في مقابلة الصلاة فيرجع النهي إلى وصفها الخارج ولا يقضي بالفساد على ما توهّمه المعترض ، فإبداء الفرق حينئذ تحكّم ولا ينبغي الالتفات إليه.
وقد يعلّل عبارة المصنّف فيما تقدّم : بأنّه (١) مفهوم كلّي لا يوجد إلاّ في ضمنه بل هو عينه ، لأنّ الكلّي متّحد مع الأفراد في الوجود وهو أيضا بعيد عن الصواب ، لكونه تنزيلا لها إلى ما يراه المصنّف في الكلّيات المحقّقة من وجودها في الخارج وكون وجودها عين
__________________
(١) أي الضدّ العامّ بذلك المعنى مفهوم كلّي لا يوجد إلاّ في ضمن الضدّ الخاصّ. ( منه عفي عنه ).