منها : ما أورده في المناهج بقوله : ولا يخفى أنّ الحكم ببطلان العبادات الموسّعة والنوافل بطلب أداء الدين وردّ الوديعة ومثلهما على القول بالاستلزام لا وجه له ، لأنّ دليل الواجب الموسّع مخصوص بأجزاء وقته ودليل وجوب أداء الدين فورا مثلا عامّ لإطلاقه بالنسبة إلى أجزاء هذا الوقت وما قبله وما بعده ، أي معناه : أنّ في كلّ وقت طلب الغريم دينه يجب أداؤه فورا ، سواء كان في وقت الموسّع أم لا ، ويلزمه النهي من الموسّع في وقته ، فمعنى العامّ الأوّل جواز الاشتغال بالصلاة مثلا في كلّ جزء من أجزاء الوقت الواقعة فيما بين الدلوك والغروب ، ومقتضى الثاني عدم جواز الاشتغال بما يضادّ أداء الدين في كلّ وقت طلبه ، سواء كان وقت طلبه وقت الموسّع أم لا ، وسواء كان وقت ما يضادّه الصلاة أم لا ، فيتعارضان في خصوص وقت الصلاة والأوّل أخصّ مطلقا فيجب تخصيص الثاني به ، فيكون الأمر بوفاء الدين فورا مخصوصا بغير حال الاشتغال بالصلاة.
هذا إذا فرض اختصاص الخطابين بالمديون ، وإلاّ فيكون دليل الموسّع خاصّا مطلقا من حيث الفعل والوقت ومن وجه من حيث الفاعل ، فيكون المعنى : يجوز خصوص الصلاة لكلّ مكلّف خال من موانع الصلاة في أيّ جزء من الأجزاء الواقعة بين الدلوك والغروب ، ويكون معنى لازم الأمر بوفاء الدين : لا يجوز لكلّ مديون شيء من أضداد أداء دينه في وقت من الأوقات ، فيكونان عامّين بينهما عموم مطلق ، فيجوز الإتيان بكلّ من الفعلين في الوقت المشترك كما يأتي ، أو يكون معنى الأوّل : يجوز لكلّ مكلّف الصلاة في كلّ جزء من الأجزاء الواقعة بين الدلوك والغروب ، سواء اشتغلت ذمّته بدين واجب الأداء أم لا ، ويكون معنى الثاني : لا يجوز لكلّ [ مديون ] فعل ما يضادّ أداء الدين في شيء من أوقات اشتغال ذمّته بأداء الدين سواء كان في وقت الموسّع أم لا ، فيكون بينهما عموم من وجه فيجوز كلّ من الفعلين في وقت التعارض على ما يأتي ، وكذا النوافل وبعض المباحات.
ثمّ قال : وتحقيق المقام : أنّ الأضداد الخاصّة للمأمور به إمّا واجب أو مندوب أو مباح ، وكلّ من الأوّلين إمّا مضيّق أو موسّع إمّا موقّت أو غير موقّت ، والمباح إمّا مباح بنصّ الشارع أو بالعمومات أو بالأصل ، والمباح المنصوص إمّا منصوص بإباحته في وقت معيّن أو مطلقا.
ثمّ المأمور به إمّا موسّع أو مضيّق ، وكلّ منهما إمّا موقّت أو غير موقّت وهو في المضيّق يتصوّر بأن يكون تضييقه باعتبار فوريّته ، فإن كان المأمور به موسّعا لا يبطل ضدّه ولا يحرم الامتثال به قبل تضيّق المأمور به مطلقا ، والوجه ظاهر.