تبيّن عند نقل الأقوال ، والنهي ملازما للتحريم على ما عليه المشهور كما اختاره في محلّه ، والتحريم ملازما للفساد في العبادة مطلقا وفي المعاملة إذا كان راجعا إلى العين أو الجزء أو الوصف أو الخارج اللازم أو الشرط إذا كان ممّا يفسد بالنهي أو أمر يوجد مع المشروط بإيجاد واحد.
وأمّا ثانيا : فلمنافاته لتسليم الفرع في بعض الصور من التحريم في بعض المباحات ، والبطلان معه في العبادات على بعض الوجوه.
وأمّا ثالثا : فلمنافاته لسند المنع من مقتضى قواعد التعادل والترجيح ، فإنّهما نوعان من التعارض وهو عبارة عن تنافي الدليلين ، وهو لا يكون إلاّ بتنافي مدلوليهما كما قرّر في محلّه ، وتنافي المدلولين تابع للدلالة وهي في معنى الملازمة في كلّ من المراتب الثلاث.
وأمّا رابعا : فلأنّهم ذكروا الفرع على فرض ثبوت الملازمة على كلّ من الجهات ، فالقضيّة شرطيّة.
ومن البيّن عدم تنافي صدق الشرطيّة لكذب الشروط وما ذكر في التفصيل راجع إلى إنكار الشرط ، فلا يرتبط بدعوى الشرطيّة ليكون واردا عليه ، وإن كان واردا مورد منع الدعوى بعد تسليم الملازمة من جميع الجهات فهو غير معقول أوّلا ، إذ بعد تسليم المقدّمات لابدّ من ترتّب النتيجة قهرا ، وغير صحيح ثانيا لما بيّنّا في صدر المسألة من أنّ النزاع في الملازمة العقليّة بين إيجاب الشيء وتحريم ضدّه ، والملازمة لابدّ من تحقّقها في أمر واقعي وموضوعها وجوب فوري مستفاد من دليل لفظيّ أو لبّي متعلّق بشيء في مقابلة ضدّ له مباح بالمعنى الأعمّ ، فالّذي يراه ملازما للتحريم والفساد يراه كذلك بعد فرضه مضيّقا في مقابلة الموسّع فيكون الدليل الدالّ عليه في مقابلة دليل الموسّع كالدليل في مقابلة الأصل ، والنصّ في مقابلة الظاهر ، كالخاصّ والعامّ ونحوهما.
وقد قرّر في محلّه أنّ الأصل لا يعارض الدليل ، والظاهر لا يعارض النصّ غايته كون دليل المضيّق حاكما على دليل الموسّع مطلقا متعرّضا بمضمونه لمضمون الموسّع كاشفا عن أنّ المراد به غير مورد الاجتماع كما في النصّ والظاهر على بعض التقادير.
فالاعتراض عليه : بأنّ هذا الأمر بقرينة المعارضة ليس مضيّقا ليس على ما ينبغي ، لكونه نزاعا معه في الصغرى والمفروض أنّه أخذ النتيجة بعد إحراز الصغرى ولو فرضا ، كما أنّ إجراء قواعد التعارض هنا مع عدم المعارضة في الواقع على ما عرفت ليس على ما ينبغي ، مع أنّ الأمر المضيّق أخصّ من الأمر الموسّع وإباحة المباح دائما باعتبار الوقت