فيكون مقدّما عليه دائما على ما اعترف به المعترض ، والمفروض أنّ العبرة في موضوع المسألة إنّما هو بالوقت ، إذ كلّ وقت يزاحم الضدّ لفعل المأمور به يكون من محلّ النزاع ، وكلّ وقت لا يزاحمه فيه ليس منه في شيء ، كما أنّ العبرة في الأمر بالمعنى دون اللفظ ومعلوم أنّ وقت الامتثال به متعيّن دائما وإلاّ لا يكون مضيّقا ووقت الامتثال بالموسّع مشترك بين وقته وغيره فيكون أعمّ دائما.
ولو أرجعنا الكلام إلى الدليل ، نقول أيضا : دليل المضيّق يقتضي وجوب شيء على المكلّف في زمان معيّن ، ودليل الموسّع يقتضي وجوبه في زمان مشترك بينه وبين غيره ممّا قبله وما بعده ، فتأمّل.
ومنها : ما أورده في الضوابط بأنّ الأمر بالضدّ الموسّع والأمر بالمضيّق إمّا كلاهما قطعيّان [ لبّا ](١) كأن يدلّ إجماع مثلا على أنّ الصلاة مأمور بها حتّى عند وجود الأمر بالمضيّق ، وإجماع آخر على أنّ المضيّق مأمور به حتّى في صورة الأمر بالموسّع وإمّا كلاهما ظنّيان ، وإمّا أن يكون الأمر بالموسّع حين الأمر بالمضيّق قطعيّا ونفس الأمر بالمضيّق حينئذ ظنّيّا وإمّا أن يكون عكس ذلك.
أمّا الصورة الاولى : فغير معقولة على مذهب من يقول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، لأنّه يقول بأنّه يمتنع عقلا صدور الأمر بالموسّع والمضيّق في زمان واحد ، فعند الأمر بأحدهما لابدّ من ارتفاع الآخر.
وأمّا الصورة الثانية : فلا تجري الثمرة المذكورة فيها ، إذ غاية ما ثبت من امتناع اجتماعهما عقلا هو لزوم صرف أحد الأمرين عن ظاهره والأخذ بالآخر ، إمّا أن يقال : إنّ الأمر بالموسّع غير مطلوب في زمان المضيّق.
أو يقال : إنّ أمر المضيّق أمر ندبي أو غير فوري في تلك الحالة ، أي حالة وجود الأمر بالموسّع ولا دليل على تعيين صرف الموسّع عن ظاهره ، فلابدّ من الرجوع إلى المرجّحات الخارجيّة وإلاّ فالوقف ، والمرجّح الخارجي قد يقتضي طرح الموسّع وقد يقتضي طرح المضيّق.
وأمّا الصورة الثالثة : فلا يجري الثمرة فيها أيضا ، إذ بعد لزوم التأويل في أحد الأمرين لا ريب في أنّ التأويل في الظنّي أولى ، فيطرح الأمر بالمضيّق بحمله على الندب أو على عدم الفور ويحكم بصحّة الموسّع.
__________________
(١) هكذا في الضوابط.