وأمّا الصورة الرابعة : فالثمرة فيها جارية لا من جهة [ مجرّد ](١) كون الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بضدّه ، بل من جهة أنّه بعد لزوم صرف أحد الأمرين عن ظاهره بحكم العقل بامتناع الاجتماع لابدّ من طرح الظنّي وهو الموسّع والأخذ بالمضيّق فيكون الصلاة حينئذ فاسدة.
ثمّ إنّه ذكر عقيب ذلك ما يقتضي تفصيلا في الظنّين بين ما لو كان المضيّق بمعناه الأعمّ فيظهر فيه الثمرة المذكورة ، وما لو كان بمعناه الأخصّ أو كان مشكوكا فيه فلا يظهر الثمرة.
حيث قال ـ في دفع إيراد (٢) أورده على نفسه ـ : أنّ قوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(٣) مثلا يدلّ على كون الظهرين موسّعين ـ إلى أن قال ـ : فقوله عليهالسلام : « متى ذكرت صلاة فاتتك قضيتها » ونحوه معارض للآية الشريفة إن أفاد قوله هذا فوريّة القضاء ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، يتصادقان فيمن عليه قضاء وهو في وقت الأداء الموسّع ، ويصدق الرواية فيمن عليه قضاء قبل وقت الأداء ، ويصدق الآية فيمن هو في الوقت ولا قضاء عليه ، وفي مادّة الاجتماع الآية حاكمة [ ظنّا ](٤) بوجوب الأداء والرواية حاكمة بفوريّة القضاء ظنّا والعقل حاكم بزعم الخصم بعدم إمكان اجتماع هذين الخطابين ، وبأنّه لابدّ من طرح أحدهما فلابدّ إمّا من رفع الأمر بالموسّع وإبقاء وجوب القضاء فورا بحاله ، وإمّا من رفع فوريّة القضاء لعدم إمكان رفع [ أصل ] وجوبه فيكونان حينئذ موسّعين ولا يرتفع شيء من الأمرين ، وحينئذ فللمستدلّ أن يقول : إنّ بقاء وجوب القضاء في الجملة قطعي فرضا أو وقوعا والشكّ إنّما هو في بقاء فوريّته الثابتة بدليل ظنّي المعارضة مع الأمر الموسّع بالأداء الثابت بدليل ظنّي أيضا ، وإذا تعارض فوريّة القضاء مع نفس الأمر الموسّع بالأداء الثابتين بالدليل الظنّي فتساقطا كان وجوب أصل القضاء ثابتا ، ويشكّ في أنّ المرتفع لأجل المعارض فوريّة القضاء أم وجوب الأداء ، فأصالة فساد العبادة يقتضي فساد الأداء للشكّ في الأمر به.
__________________
(١) هكذا في الضوابط.
(٢) والإيراد ما أشار إليه بقوله : فإن قلت : في الصورة الثانية يحكم بفساد الموسّع إذا لم يكن مرجّح لأحد الطرفين إذ بعد التوقّف يرجع إلى الأصل وهو عدم صحّة الصلاة فيتمّ الثمرة.
فأجاب : عنه بقوله : قلنا ذلك مسلّم إن سلّمنا بعد التعارض بقاء الأمر بالضدّ الآخر وشكّ في الفوريّة ولكن نحن نقول بعد التوقّف يحتمل ارتفاع الأمرين معا فلا يتمّ مطلوب فتأمّل.
وحاصل الجواب : أنّ قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) إلى آخر ما قال. ( منه عفي عنه ).
(٣) الإسراء : ٧٨.
(٤) هكذا في الضوابط.