مضافا إلى أنّهم يعبّرون عن الأمر البسيط هنا بالطلب الحتمي ، فيكون مركّبا ضرورة تركّب المقيّد عمّا ورد عليه القيد وما حصل له باعتبار ورود القيد عليه من الوصف العنواني وإن لم نجعل القيد داخلا.
كما أنّه لا ينبغي إرجاعه إلى المعنى الثاني أيضا ، إذ لا ينبغي على المصنّف بل ومن دونه أن يزعم الوجوب من المركّبات الخارجيّة ، كيف وأنّ مناط الفرق بينها وبين المركّبات العقليّة بكون التركّب مدركا في نظر الحسّ بإحدى الخمس المعروفة ، أو في نظر العقل من غير مدخل فيه للحسّ ، ولا يستريب جاهل فضلا عن العالم الماهر في أنّ تركّب الوجوب من طلب الفعل مع المنع عن تركه ليس من جملة ما يدركه الحسّ في شيء من آلاته ، فانحصر اللائق بهذا الخلاف في المعنى الثالث ، لأنّه الّذي يقتضيه الاعتبار مع مساعدة كلماتهم ، فيكون محصّله : أنّ المنع من الترك هل هو جزء من مفهوم الوجوب أو لا؟ بل هو مفهوم بسيط وهو الطلب الحتمي والمنع من الترك من جملة لوازمه الخارجة عنه ، فيكون مرادهم من البساطة ما يكون إضافيّا لا البساطة المطلقة جزما.
ولنذكر قاعدة يعرف بها ما هو حقيقة الحال في هذا المقال ، وهي الّتي أشرنا إليها مرارا على سبيل الإجمال وتفصيلها هنا أن يقال : إنّه لا ريب أنّ الحكم الشرعي على ما يشهد به طريقة العرف وضرورة الوجدان ـ بل كلّ حكم اقتضائي وغيره ، إلزامي وغيره ، إيجابي وتحريمي ـ لا ينعقد إلاّ بتلاحق أوصاف بعضها ما يرجع إلى المحكوم به من دون إضافة له فيه إلى غيره ، وبعضها ما يرجع إلى الحاكم مع إضافته إلى المحكوم به أيضا ، وبعضها ما يرجع إليه مع إضافته أيضا إلى المحكوم عليه والمحكوم به معا.
أمّا الأوّل : فكالرجحان في الفعل أو الترك والمرجوحيّة كذلك والتساوي فيما بينهما ، والمراد بالرجحان مزيّة في أحد الطرفين منشؤها اشتمال ذلك الطرف على مصلحة كامنة فيه ، وهي عبارة عن خاصيّة تترتّب عليه ممّا يتعلّق بوجوده الغرض الأصلي من جعل الحكم ، وبالمرجوحيّة منقصة فيه منشؤها اشتماله على مفسدة كامنة ، وهي عبارة عن خاصيّة تترتّب عليه ممّا تعلّق بعدمه الغرض الأصلي من الجعل ، وبالتساوي تكافؤهما الّذي ينشأ عن خلّوهما عن الصفتين بالمرّة أو بعد التساقط ، وهو ما يقضي بإنشاء التخيير بينهما المعبّر عنه بالإباحة بالمعنى الأخصّ كما أنّ الرجحان والمرجوحيّة يقضيان بإنشاء الأحكام الأربع الباقية بالتقريب المتقدّم إليه الإشارة في صدر المسألة ، من أنّ مصلحة الفعل إمّا أن