وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب * ، وحينئذ فيجب ترك فعل الضدّ الخاصّ. وهو معنى النهي عنه.
وجوابه يعلم ممّا سبق آنفا ؛ فإنّا نمنع وجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به مطلق ، بل يختصّ ذلك بالسبب ، وقد تقدّم.
__________________
* واعلم أنّ هذا الدليل يتضمّن مقدّمتين :
إحداهما : أنّ ترك الضدّ مقدّمة لفعل المأمور به.
والاخرى : أنّ مقدّمة الواجب واجبة.
فالجواب عنه : إمّا بمنع المقدّمة الاولى كما هو مقتضى تحقيقنا المتقدّم ولا نطيل الكلام بإعادته ، أو بمنع المقدّمة الثانية. ويختلف ذلك باختلاف المذاهب في وجوب المقدّمة.
فمنهم من يمنعه لمنع وجوب المقدّمة مطلقا.
ومنهم من يمنعه لمنع وجوب المقدّمة الغير السببيّة كما عليه المصنّف.
ومنهم من يمنعه لمنع وجوب الغير الشرط الشرعي من المقدّمات كما عليه ابن الحاجب ومن تبعه.
ومنهم من يمنعه لمنع الوجوب الأصلي في المقدّمات وخروج الوجوب التبعي الثابت عن محلّ كلامهم كما عليه بعض الأعلام.
وقد يحكى في المقام وجوه اخر كما في كلام بعض الأفاضل :
منها : منع قضاء وجوب المقدّمة بوجوب ترك الضدّ على إطلاقه ، وإنّما يقضي بوجوب تركه الموصل إلى أداء الواجب ، فإنّ ما دلّ على وجوب المقدّمة إنّما دلّ عليه من حيث إيصالها إلى الواجب لا مطلقا ، فإذا لم يكن المكلّف مريدا لفعل الواجب لم يكن ترك الضدّ موصلا إلى الواجب فلا يجب فلا يحرم ضدّه ليكون منهيّا عنه.
ومنها : أنّ المقدّمة إنّما وجبت للتوصّل إلى ذيها كما يعطيه دليل وجوبها.
وقضيّة ذلك اختصاص الوجوب بحال إمكان التوصّل ، وهو مع وجود الصارف عن المأمور به وعدم الداعي إليه المستمرّان مع الأضداد الخاصّة غير ممكن ومعه لا معنى للوجوب.
ومنها : أنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة على فرض تسليمها إنّما تنهض دليلا على الوجوب حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها دون ما إذا لم يكن له كما هو الحال عند