وربّما يذكر في المقام كون المراد بالعلّة هو السبب أو الجزء الأخير من العلّة التامّة كما في كلام بعض الأفاضل ، حيث قال ـ في توجيه كلام المصنّف ـ : « ثمّ إنّ المراد بالعلّة في المقام هو المقتضى لحصول الحرام إذا صادف اجتماع الشرائط ولا يريد به خصوص العلّة التامّة لخروجه عن المصطلح ، كيف ولو أراد به ذلك لزمه القول بوجوب الشرائط فإنّها من أجزاء العلّة التامّة.
ومن البيّن أنّ تحريم الكلّ يستدعي تحريم أجزائه ولا يقول المصنّف به ، ويمكن أن يريد به الجزء الأخير من العلّة التامّة فإنّه الّذي يتفرّع عليه حصول الحرام » إلى آخره.
وهو وإن كان يدفع الإشكال المذكور ويساعده بالنسبة إلى إرادة السبب ظاهر عبارة المصنّف ، حيث قاس اقتضاء تحريم اللازم لتحريم الملزوم على اقتضاء إيجاب المسبّب لإيجاب السبب ، غير أنّه مبنيّ على كون نزاعهم في الحكم التبعي المقدّمي وهو خلاف ما يظهر من الأكثر ، وينافي إنكار ثبوته مطلقا لإطلاق القول بوجوب المقدّمة كما صدر عن جماعة منهم البهائي القائل بوجوب المقدّمة ، المنكر لاقتضاء وجوب الملزوم لوجوب اللازم مطلقا.
وقضيّة ذلك كون من نفاه من وجوب اللازم هو الوجوب الأصلي لئلاّ يلزم التناقض.
وأمّا احتمال إرادة الجزء الأخير من العلّة فبعيد عن الصواب جدّا ، كيف وأنّه عبارة عن العزم المقارن للفعل ، ومن البعيد أن يحرم ذلك بحرمة الملزوم دون غيرها من المقدّمات ، مع أنّ منها ما هو أقوى منه في التأثير كالسبب ولا سيّما إذا قارن إيجاده العزم على الفعل ، ولا أظنّ من يحرم الجزء الأخير الّذي هو من مقولة الشروط دون السبب.
وأمّا ما ذكره من الوجهين في تعليل ما ذكر فغير وجيه ، كما يظهر بأدنى تأمّل.
وبما قرّرناه في المقام من لزوم كون المراد بالعلّة والمعلول ما يكون من مقولة فعل المكلّف ، يتبيّن وهن ما أورده المدقّق الشيرواني على المصنّف في دعواه اقتضاء تحريم الملزوم لتحريم اللازم ، وتحريم أحد المعلولين لعلّة مشتركة بينهما لتحريم المعلول الآخر ، بقوله : « وأيضا لم يقل أحد بأنّ ما ينشأ من شرب الخمر مثلا من كثرة الأكل والمرّة والتنزّة والمشي وغير ذلك فهو حرام ، وما يترتّب على أكل الطعام المغصوب من شرب الماء وغيره حرام ، وأبعد من ذلك أن يكون رفع ظلم الغير الموجب للقتل حراما ، لكونهما معلولي علّة واحدة هي جزّ الرقبة فيكون القاتل لمثل هذا الشخص فعل أفعالا ثلاثة كلّها حرام ، ولو فرض عدم ترتّب شيء على قتله غير أنّه قتل نفسا معصومة فعل حرامين ، ولو فرض