مباشرته لفعل الحرام من غير ترتّب شيء عليه فعل حراما.
وبالجملة ما ذكره المصنّف في هذا المقام بعيد عن الصواب ». انتهى.
فإنّ ما يترتّب على شرب الخمر ليس هو الأكل ولا كثرته ، بل هو قوّة نفسانيّة تقتضي كثرة الأكل ، وهي ليست من مقولة ما يتعلّق به التكليف ، وشرب الماء يترتّب على العطش لا على أكل الطعام وهو من صفات النفس ، والقتل ليس مغايرا لجزّ الرقبة إن اريد به ما يباشره المكلّف ، وإن اريد به غيره كالموت وزهوق الروح فهو ليس من فعل المكلّف حتّى يكون حراما عليه ، فلا يبقى للتحريم إن قلنا به في موضع رفع الظلم محلّ إلاّ جزّ الرقبة وهو علّة للرفع ، ولا يقول المصنّف باقتضاء تحريم العلّة لتحريم المعلول حتّى يتوجّه إليه الاستبعاد المذكور ، بل ولو قال به أيضا لم ينشأ منه محذور حتّى يكون مردودا عليه ، وكذا الكلام في باقي الأمثلة.
وعلى أيّ حال كان فلا إشكال في انتفاء العلّية فيما بين الأفعال الاختياريّة لو اريد بها كون الفعل الاختياري بانفراده علّة تامّة.
نعم ربّما يترتّب على الفعل الاختياري ما لا يفتقر إلى إرادة ولا يتوقّف على شيء سواه كضياء الوجه المترتّب على الصلاة ، والسكر المترتّب على شرب الخمر ، والقسوة والشقاوة المترتّبتين على سائر المعاصي ترتّب المعلول على علّته التامّة ، ولكنه خارج عن المبحث لعدم اندراج شيء من ذلك في جملة الأفعال حتّى يتعلّق به حكم الوجوب أو الحرمة أو غيرها ، وإن كان هو بنفسه حسنا أو قبيحا محبوبا أو مبغوضا في نظر الشارع ، وكذا الكلام في الألم الحاصل من اللطم بل وسائر التوليديّات الغير المباشريّة ، فإنّ العلّة في الكلّ إنّما هو فعل المكلّف ولكن لا يلزم من وجوبه أو حرمته وجوبها أو حرمتها ، بل ولو تعلّق الوجوب أو الحرمة في ظاهر الخطاب ببعض هذه الامور لوجب صرفه إلى ما هو علّة له حسبما قرّرناه في بحث المقدّمة ، هذا ولكن يبقى المناقشة في كون العلّة التامّة في هذه المذكورات هو الفعل بانفراده من جهة عدم انفكاكه عن المقدّمات الاخر كما لا يخفى.
وكيف كان فكلامنا في هذا المقام إنّما هو في كبرى القياس على فرض ثبوت صغراه ، سواء اريد بالعلّة ما يكون علّة تامّة أو مقتضيا وهو ممّا لا بأس به ، والنظر يقع تارة فيما لو ثبت الحكم الأصلي التابع للصفة الكامنة للمعلول دون علّته ، واخرى فيما لو ثبت الحكم الأصلي للعلّة دون المعلول ، فيبقى البحث في مرحلتين :