أمّا المرحلة الاولى : ففي الملازمة من جانب المعلول ، فإذا كان المعلول بحسب أصل الشرع واجبا أو حراما أو مندوبا أو مكروها لا إشكال في أنّه يقتضي وجوب العلّة أو حرمتها أو ندبها أو كراهتها ، بل هو من أوّليات الوجدان كما تقرّر في بحث المقدّمة ، لا بمعنى أنّه يثبت له الحكم فعلا بالطلب التفصيلي ، بل بمعنى أنّ من شأنه أنّ الشارع لو أراد أن يجعل له حكما من حيث كونه مقدّمة لا يجعل له إلاّ مثل ما جعله للمعلول أصالة ، وليس له التصريح بخلافه لمنافاته المقدّمية ، من غير فرق بين كون المراد بها العلّة التامّة أو السبب.
فما في الضوابط : من جواز وجوب أحد المتلازمين مع إباحة الآخر أو ندبه أو تحريمه مع إباحة الآخر أو كراهته أو ندبه مع إباحة الآخر أو كراهته مع إباحة الآخر إن اريد بهما ما يعمّ العلّة والمعلول بإطلاقه ، ليس على ما ينبغي ، إلاّ أن يراد بإباحة العلّة أو ندبها أو كراهتها ما يكون من مقتضيات الجهة الكامنة في ذات العلّة المسويّة بين الفعل والترك ، أو المرجّحة للفعل أو الترك مع قطع النظر عن جهتها المقدّمية ، بمعنى اشتمالها في حدّ ذاتها على ما لو لا وجود المانع في جانب المعلول فعلا لاقتضى فيها الإباحة أو الندب أو الكراهة فعلا ، فهي مباحة أو مندوبة أو مكروهة بالذات وإن كانت واجبة أو محرّمة بالعرض من جهة عروض جهة التوصّل لها إلى الواجب أو المحرّم.
وإذا كان مباحا لا يستلزم إباحة العلّة لما سنقرّره.
وأمّا المرحلة الثانية : ففي الملازمة من جانب العلّة ، فإذا كانت العلّة واجبة بحسب أصل الشرع لا يلازم وجوبها وجوب المعلول ، بل يجوز كونه مباحا أو مندوبا لعدم افتقاره في الوجود الخارجي إليه وإن كان يمتنع انفكاكه عنها ، ولا يلزم به تكليف ما لا يطاق ولا محذور آخر.
نعم ينافي وجوبها حرمته أو كراهته من جهة اقتضاء الطلب كائنا ما كان الامتثال بالمطلوب ، فيؤدّي إلى تكليف ما لا يطاق لاستحالة الجمع بين فعل العلّة وترك معلولها ، فيقبح في حكمة الحكيم النهي عن المعلول ولو تنزيها مع إيجابه العلّة وإن اشتمل المعلول على قبح ذاتي.
وكذا الكلام فيما لو كانت العلّة محرّمة بحسب أصل الشرع فإنّه لا يلازم تحريم المعلول ، ولا سيّما إذا لم يكن من مقولة الأفعال بل يجوز كونه مباحا أو مكروها.
نعم ينافي تحريمها وجوبه أو ندبه لعين ما ذكر ، فلا يجوز في حكمة الحكيم أن يأمر به ـ ولو ندبا ـ مع تحريمها وإن اشتمل على حسن ذاتي ، نظرا إلى أنّ الحسن والقبح في الأشياء من قبيل المقتضيات لا العلل التامّة فيصادفهما ما يمنع عن اقتضائها فعلا.