في بعضها تكلّف * ، حيث ضايقهم القول بوجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به مطلقا ** ؛ لظنّهم أنّ الترك الواجب لا يتمّ إلاّ في ضمن فعل من الأفعال ؛ فيكون واجبا تخييريّا.
__________________
في غير المقام ، وقد ذكرنا وهنه في بحث المقدّمة ويأتي تحقيقه مفصّلا في بحث اجتماع الأمر والنهي.
وأورد عليه أيضا بعض الأفاضل : « بأنّ ذلك مسقطا للواجب وليس الإتيان بالحرام من أفراد الواجب وإن حصل به الأداء إلى ترك حرام آخر ، إذ ليس كلّ موصل إلى الواجب مندرجا في المقدّمة الواجبة » بعد ما دفع الإيراد المذكور : « بأنّ ذلك مبنيّ على جواز اجتماع الأمر والنهي من جهتين ، فلا يتمّ على المشهور المنصور من المنع منه ، وعليه مبنى الجواب » وهذا الإيراد متين وقد أشرنا إلى ما يقضي به في بحث المقدّمة عند الكلام في المقدّمة المحرّمة.
* أشار بذلك إلى ضعف بعض الوجوه المذكورة كالوجهين الأخيرين ، فإنّ فيهما من التكلّف ما لا يخفى على أحد ، بل لا يكاد شيء منهما ينطبق على القواعد المقرّرة ، ولا أنّه يجدي في دفع الشبهة كما عرفت.
** تعليل لقوله : « في بعضها تكلّف » ومفاده : أنّ قولهم بوجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به على الإطلاق حتّى ما لو لم يكن سببا أدخلهم في الضيق ، فاضطرّوا إلى التشبّث بتلك التكلّفات ، بضابطة قولهم : الغريق يتشبّث بكلّ حشيش.
قال بعض المحقّقين في شرح العبارة : وأشار بذلك إلى اختصاص الضيق بمن قال بهذا الإطلاق ، إذ المصنّف في سعة من ذلك إذ لا يقول بوجوب المقدّمة في غير السبب ، فلا يلزم عليه نفي المباح كما ذكره الكعبي.
واعترض عليه المدقّق : بأنّ جميع ما نقل في المقام يدلّ على أنّ مراد الكعبي أنّ كلّ مباح ضدّ الحرام والضدّ لو كان مقدّما على ترك الضدّ الآخر بالتقدّم الذاتي لكان سببا مستلزما لا شرطا غير مستلزم ، فشبهة الكعبي كما ترد على القائل بوجوب المقدّمة مطلقا ترد على القائل بوجوب السبب فقط أيضا ، إلى آخره.
وردّه بعض الأفاضل : بأنّ ترك الحرام لا يتسبّب عن فعل الضدّ ، وإنّما السبب المؤدّي