وإن قلنا بالبقاء والاستغناء ، جاز خلوّ المكلّف من كلّ فعل ؛ فلا يكون هناك إلاّ الترك *.
__________________
غير ذلك الجسم المتحرّك وكذا الأمر في الاجتماع والافتراق ، فعلى هذا لو قلنا بتجدّد الأكوان واحتياجه مع بقائه إلى المؤثّر لا يلزم كون المؤثّر هو ذلك الجسم الّذي هو محلّ الكون ، فيمكن خلوّه عن كلّ فعل في هذه الصورة أيضا » وقد اتّضح وهنه.
وأمّا ما قيل : من أنّ الشبهة المذكورة مبنيّة على أحد هذين المذهبين لقيام ما يصلح لاتّصافه بالوجوب عند الكعبي وإلاّ فعلى المذهب الآخر وهو بقاء الأكوان مع عدم الاحتياج إلى المؤثّر فلا يتمّ تقريب الاستدلال على وجوب المباح كائنا ما كان وإن قلنا بالتوقّف والاستلزام ، لصيرورة الكون الباقي من باب المقدّمات الغير المقدورة الخارجة عن اختيار المكلّف فلا تصلح موردا للتكليف ، فلا وقع فيه أصلا بل هو اشتباه ناش عن قلّة التدبّر ، لما ذكره بعض الفضلاء في دفع ذلك من أنّ ترك الحرام على هذا التقدير يتوقّف على أحد الأمرين من التشاغل بفعل من الأفعال والخلوّ من الجميع أو يستلزمهما ، فإن جعلنا الخلوّ ممّا يصحّ أن يتعلّق به التكليف كان أحد أفراد الواجب المخيّر وإلاّ تعلّق الوجوب بالفرد الآخر على التعيين وإن سقط بحصول الخلوّ.
* بيان لزيادة وضوح فساد مذهب الكعبي لو كان في المسألة من أصحاب هذا القول ، لأنّه تجويز لانفكاك الترك عن كلّ أمر وجودي وفعل مضادّ للحرام ، وهو لا يلائم القول بكون المباح ممّا يتوقّف عليه ترك الحرام أو ملزوما له ، ضرورة امتناع تخلّف الموقوف عليه عن الموقوف والملزوم عن لازمه.
وأنت بالتأمّل فيما تقدّم تقدر على توهين ذلك من جهة أنّ ترك الحرام على هذا القول لازم أعمّ لفعل المباح ، وموقوف على أحد الأمرين : منه ومن الخلوّ عن جميع الأفعال ، فلا يكون المصير إليه إلزاما للمستدلّ ، فإنّ منظوره إثبات الوجوب للمباح حيثما يتحقّق الترك في ضمنه ، مع أنّ حصول الترك بالخلوّ لا يستدعي سقوط التكليف بالمرّة حتّى يبقى المباح الّذي هو أحد فردي المقدّمة أو الملزوم على إباحته ، كما هو قضيّة دوام التكليف في المحرّمات حيثما اجتمع سائر شرائطه كما لا يخفى.
إلاّ أن يقال : بأنّ هذا التقدير تأكيد لما ادّعي في المقام على أحد التقديرين الأوّلين من