لظهور أنّ الصارف الّذي هو العلّة في الترك ليس علّة لفعل الضدّ *. نعم هو مع إرادة الضدّ من جملة ما يتوقّف عليه فعل الضدّ ** ، فإذا كان واجبا كانا ممّا لا يتمّ الواجب إلاّ به.
وإذ قد أثبتنا سابقا عدم وجوب غير السبب من مقدّمة الواجب ، فلا حكم فيهما بواسطة ما هما مقدّمة له ***
__________________
وكأنّه اريد بالعلّة الواحدة في تلك الصورة السبب القريب ، فيرجع إلى ما أشرنا إليه دون العلّة التامّة ، وإلاّ فيردّه ما أشرنا إليه أيضا ، والإلجاء ليس بنفسه علّة تامّة كما عرفت.
* والوجه في ذلك : أنّ فعل الضدّ مسبوق بإرادة إيجاده وهو أخصّ من الصارف الّذي هو عدم إرادة إيجاد المأمور به أو إرادة عدم إيجاده ، وظاهر أنّ الأعمّ لا يستلزم الأخصّ ، وكون علّة الشيء أعمّ من علّة شيء آخر لا يقضي بترتّب معلول الأخصّ على العلّة الأعمّ كما لا يخفى.
** اعترض المحقّق السلطان : بأنّ هذا ممنوع في الصارف ، بل لا توقّف لفعل الضدّ على الصارف أصلا ، وإنّما هو المقارنة من الجانبين بلا توقّف من الجانبين ، وهو في محلّه ، ولا مصادمة فيه للاصول المقرّرة كما توهّمه المدقّق.
*** قرينة واضحة على أنّ مراده بالسبب هنا وفي بحث المقدّمة المقتضي الّذي هو أعمّ من العلّة التامّة لا الجزء الأخير منها ، كيف وإرادة الضدّ مع الصارف عندهم جزء أخير من العلّة ، فلو كان مراده بالسبب هنا وفي بحث المقدّمة الجزء الأخير من العلّة لكان قوله : « فلا حكم فيهما بواسطة ما هما مقدّمة له » مع فرضه الضدّ واجبا مناقضا لمختاره في مقدّمة الواجب من وجوب السبب الّذي أشار إليه هنا أيضا.
والعجب من المحقّق المشار إليه كيف غفل عن ذلك فاحتمل كون مراده بالسبب في كلا المقامين الجزء الأخير من العلّة.
فقال : لعلّ المراد بالسبب ليس العلّة التامّة إذ تسليم وجوبها يستلزم وجوب كلّ جزء من أجزائها إذ جزء الواجب واجب اتّفاقا ، فلا يتصوّر بعد تسليم وجوب السبب بمعنى العلّة التامّة هنا منع وجوب كلّ واحد ممّا ذكر أنّه من جملة ما يتوقّف عليه فعل الواجب مع كونهما جزئين للعلّة ، فلعلّ المراد بالسبب هاهنا وفي بحث مقدّمة الواجب مطلقا هو الأخير من العلّة التامّة الّذي هو علّة قريبة للفعل عرفا ، كالصعود على السلّم للكون على