فإن قيل : بثبوت الأمر حينئذ ، يلزم التخصيص في القاعدة العقليّة.
وإن قيل بعدمه يلزم التخيير بين المأمور به وغيره ، فيلزم على تقدير اختيار غير المأمور به حصول الصحّة والامتثال مع فرض عدم الأمر ، وكلّ ذلك كما ترى.
وبالجملة يكفي في الامتثال بالطبيعة الكلّيّة المأمور بها الإتيان بما ينطبق عليها من أفرادها ، وكون ذلك الفرد موجبا لامتثال الأمر لا يوجب كونه مأمورا به بالخصوص ، ليكون ذلك الأمر مع الأمر المضيّق من باب التكليف بالمحال ، فلا يبقى في مقابلة الأمر المضيّق إلاّ الأمر الوارد على الطبيعة الكلّيّة مع قطع النظر عن ذلك الفرد ، ولا ريب أنّها بما هي طبيعة لا تعدّ مضادة للمأمور به المضيّق عقلا ولا عرفا ، فلا يكون الأمر بها الّذي صادفه الأمر المضيّق ممّا يوجب التكليف بالمحال ، والّذي يضادّه إنّما هو فرد منه وليس بمأمور به بالخصوص.
والقول بأنّ حكم الطبيعة لابدّ وأن يسري إلى الأفراد نحو سريان الحلاوة الثابتة لطبيعة التمر إلى جميع أفرادها ليس على إطلاقه ، المتناول للوجوب ونحوه من الأحكام التكليفيّة الطلبيّة ، وإلاّ لزم كون جميع أفراد الطبيعة واجبات عينيّة حيثما كان وجوب الطبيعة عينيّا ، نظير الطهارة الثابتة لطبيعة الماء السارية إلى جميع أفرادها.
فإن اريد من تعلّق الأمر بالضدّين تعلّق الأمر الشرعي أو العقلي بهما عينا أو تخييرا شرعيّا أو عقليّا فالأمر كما ذكر من كونه تكليفا بالمحال ، ولكن مصادمة فرد من أفراد الواجب الموسّع مع الواجب المضيّق ليس من هذا القبيل كما عرفت.
وإن اريد من تعلّق الأمر بهما تعلّق الأمر بأحدهما وبكلّي الآخر ، فما ذكر من كونه تكليفا بالمحال ممنوع ، لأنّ المحال إنّما هو طلب الأمرين معا لا طلب أحدهما وانطباق الآخر على المطلوب.
فإن قلت : كلّما ذكرت بعد تسليمه إنّما يقضي بعدم تعلّق الأمر الشرعي بالفرد لا عينا ولا تخييرا ، وأمّا الأمر العقلي التخييري فلا يسعك إنكاره ، كيف وأنت اعترفت في سابق كلامك بما يقضي ثبوت التخيير العقلي ، بل العقل إذا وجد تعلّق الأمر بالكلّي حكم بكون كلّ واحد من أفراده مطلوبا على جهة التخيير ، وهذا الطلب التخييري العقلي أيضا يستحيل اجتماعه مع طلب ضدّه عينا.
قلت : إن أردت بالتخيير العقلي حكم العقل بكون الأفراد مطلوبة للشارع على سبيل