إليها ، ولا رأيت أحداً ممن لقيته من أصحابنا عثر ذلك ، إلا أنهم يجمحون عليه ، ويحومون حوله الخ ..» (١).
ونقول :
ألف : إن هذا المقطع الذي ذكرناه ، قد تضمن كلاماً جافياً وقاسياً ، خالياً من أي لياقة ، يرتبط برسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتى كأنك تشعر أنه يتكلم عن طاغية أو عن جبار ، قد تخلص الناس منه ، أو مدّع لمقام ليس له ، قد غش الناس ، واستحوذ عليهم حتى عبدوه ..
وقد جاءت هذه الكلمات الجريئة في احرج اللحظات ، وهي لحظات اللوعة ، والحرقة ، والحنان ، والحنين ، والأسى والحزن ، لفقد من يفترض أن يكون أحب إليهم من آبائهم ، وأزواجهم ، وذرياتهم ، وأنفسهم ، ومن كل شيء.
ب : كما أننا لاندري من أين جاء بفرضية وجود من يعبد محمداً. إلى حد أنه سوغ لنفسه أن يطلق هذه الفرضية في هذا الوقت بالذات ، ويجعل من الذين يعبدون محمداً صلىاللهعليهوآله .. فريقاً يقابل به من كان يعبد الله ..
ج : إن أبابكر قد جاء بشيء لم يخف على أحد من الصحابة ، ولا على غيرهم من البشر ، وان عمر بن الخطاب قد ادعى خلافه ، لحاجة في نفسه قضاها ، فكيف يدعي ابن عربي : أن ابا بكر قد جاء بأمر غفل عنه غيره؟ وقد ألمحنا إلى ذلك في فصل سابق ، حيث نقلنا هناك عبارة مشابهة لهذه ..
د : إننا نقول : إن المشكلة تكمن في عدم التحلي بالمستوى المطلوب بالإيمان الصادق بنبوته صلىاللهعليهوآله ، وليست المشكلة في وجود عابد له صلىاللهعليهوآله ، ولأجل ذلك لم يحدثنا التاريخ بشيء يدل على وجود
__________________
(١) مجموعة رسائل ابن عربي (المجموعة الأولى) ص ١٣٠.