كالغار ، (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) (١) فإنه ، أي أبو بكر ، واقف مع صدقه. ومحمد عليهالسلام واقف مع الحق ، في الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت ..
فهو الحكم كفعله عليهالسلام يوم بدر في الدعاء والإلحاح ، وأبو بكر عن ذلك صاح ، فإن الحكيم هو الذي يوفي المواطن حقها.
ولما لم يصح اجتماع صادقين معاً ، لذلك لم يقم أبو بكر في حال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وثبت مع صدقه ، فلو فقد النبي في ذلك الموطن ، وحضره أبو بكر ، لقام في ذلك المقام الذي أقيم فيه رسول الله ، لأنه ليس ثم أعلى منه يحجبه عن ذلك ، فهو رضي الله عنه صادق ذلك الوقت وحكيمه ، وما سواه تحت حكمه ..
فلما نظرت نقطة أبي بكر إلى الطالبين أثرهما ، أسف عليه ، أي على النبي ، فأظهر الشدة ، وغلب الصدق ، وقال : (لاَ تَحْزَنْ) لأثر ذلك الأسف على النبي ، (إِنَّ اللهَ مَعَنَا) كما أخبرتنا ..
وإن جعل منازع : أن محمداً هو القائل لم نبال ، لما كان مقامه صلى الله عليه [وآله] وسلم الجمع والتفرقة معاً ، وعلم من أبي بكر الأسف ، ونظر إلى الألف ، فتأيد ، وعلم أن أمره مستمر إلى يوم القيامة. قال : (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) (٢) ..
وهذا أشرف مقام ينتهي إليه الذي هو تقدم الله عليك : «ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله قبله» ، شهود بكري ، وراثة محمدية ..
وخاطب الرسول الناس بـ «من عرف نفسه عرف ربه» وهو قوله يخبر
__________________
(١) الآية ٤٠ من سورة التوبة.
(٢) الآية ٤٠ من سورة التوبة.