(فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) (١) .. فلما بلغ ثعلبة ذلك جاء بزكاته ، فلم يأخذها منه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكذلك أبو بكر ، وعمر من بعده ، ولكن عثمان أخذها منه ، متأولاً : أنها حق الأصناف الذين أوجب الله لهم هذا القدر في عين هذا المال ..
ثم قال : «وهذا الفعل من عثمان من جملة ما انتقد عليه ، وينبغي أن لا ينتقد على المجتهد حكم ما أداه إليه اجتهاده ، فإن الشرع قد قرر حكم المجتهد.
ورسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ما نهى أحداً من أمرائه أن يأخذ من هذا الشخص صدقته ، وقد ورد الأمر الإلهي بإيتاء الزكاة.
وحُكْمُ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، في مثل هذا ، قد يفارق حكم غيره ، فإنه قد يختص رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بأمور لا تكون لغيره ، لخصوص وصف ، إما تقتضيه النبوة مطلقاً ، أو نبوته صلى الله عليه [وآله] وسلم ..».
إلى أن قال :
«فمن شاء وقف لوقوفه صلى الله عليه [وآله] وسلم ، كأبي بكر ، وعمر .. ومن شاء لم يقف كعثمان ، لأمر الله بها».
إلى أن قال تعقيباً على ذلك :
«فساغ الإجتهاد ، وراعى كل مجتهد الدليل الذي أداه إليه اجتهاده ، فمن خطَّأ مجتهداً فما وفاه حقه. وإن المخطئ والمصيب منهم واحد لا بعينه» (٢).
__________________
(١) الآية ٧٧ من سورة التوبة.
(٢) الفتوحات المكية ج ٨ ص ١٩٤ و ١٩٥ تحقيق إبراهيم مدكور وعثمان يحيى.