أولى من رأي من ليس بمعصوم ..».
فإن كلامه هذا يتضمن تخطئة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واعتبار ما يفعله النبي صلىاللهعليهوآله رأياً له ، وليس بدلالة إلهية .. مع أن هذه الآية التي هي في صورة عتاب إلهي ، إنما جاءت لتسجل غاية الثناء والمدح ، والتكريم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد أراد الله تعالى من خلالها أن يجعل الرسول لنا أسوة وقدوة في نفس فعله هذا ..
إنه تعالى يقول : إن هاتين المرأتين اللتين تواجهان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بأعظم الأذى ، قد تظاهرتا عليه صلىاللهعليهوآله ، إلى الحد الذي أوجب التدخل الإلهي ، لفضح أمر المتظاهرتين ، وإعلان : أن (اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) (١).
والمتظاهرتان هما اللتان أفشتا سره ، وتفننتا في الإضافة على هذا السر ، والزيادة فيه ، حتى عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله بعضه ، وأعرض عن بعض ..
واللافت هو : أنه صلىاللهعليهوآله ، إنما يلقى هذه المعاملة من امرأة ، وممن هي زوجته ، التي له حق القوامة عليها ، وهو نبيها ، وأولى بها من نفسها ..
هذا النبي ـ برغم ذلك كله ـ يعاملها أحسن معاملة ، ويكون موقفه منها ليس مجرد الصفح والعفو ، بل يصل إلى حد أنه صلىاللهعليهوآله يَحْرِم نفسه مما هو حلال له ، لتبقى نفس تلك الزوجة المؤذية له ، مرتاحة ، ومسرورة ، وإنما كان سرورها في محروميته وعذابه ..
فالله تعالى يريد أن يظهر لنا هذا الخلق العظيم لرسول الله «صلى الله عليه
__________________
(١) الآية ٤ من سورة التحريم.