يصار إليه إلا بدليل. والدليل قائم على خلافه ، كما أشرنا إليه غير مرة ..
فإن صح أن يكون ابن عربي قد قال : إن علياً عليهالسلام ، إمام العالم ، فلا بد أن لا يكون مقصوده الإمامة الدينية بالمعنى الشيعي ، بل مراده إمامة صوفية ـ لا تصل إلى مستوى ما يدّعيه لنفسه ولغيره ممن يطلق عليهم اسم الأولياء ـ أو إمامة بمعناها اللغوي حيث يراد بها مجرد التعظيم ، ولا تتعارض مع خلافة خلفائهم ، بل تكون كإمامة الغزالي ، والرازي ، وما إلى ذلك ..
وإنما قلنا : لا تصل إلى مستوى ما يدّعيه لنفسه ولغيره من أولياء الصوفية ، لأنه يدّعي لنفسه درجات النبوة من دون تشريع ، ويصر على ذلك أيما إصرار .. كما سنرى ..
خامساً : من أين جاء القطيفي والفيض بعبارة «إمام العالم» ، فإن الموجود في «الفتوحات المكية» غير ذلك ، فقد قال ابن عربي :
«قال تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) (١) ، فشبه نوره بالمصباح ، فلم يكن أقرب إليه قبولاً في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد صلىاللهعليهوآله ، المسماة بالعقل ، فكان سيد العالم بأسره ، وأول ظاهر في الوجود ، فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ، ومن الهباء ، والحقيقة الكلية وفي الهباء وجد عينه ، وعين العالم من تجليه ..
وأقرب الناس إليه ، علي بن أبي طالب ، وأسرار الأنبياء أجمعين ..» (٢).
وليس في هذه عبارة : أن علياً «إمام العالم» .. بل الموجود هو أن النبي صلىاللهعليهوآله هو سيد العالم بأسره ..
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة النور.
(٢) الفتوحات المكية ج ١ ص ١١٩ ط دار صادر أفست عن دار الكتب العربية الكبرى بمصر. والردود والنقود ص ٣٤٥.