.................................................................................................
______________________________________________________
ويؤكّده ما ورد في دعاء صلاة يوم العيد من قوله (عليه السلام) : «أسألك بحقّ هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً» (١) فإنّه يُعلم منه بوضوح أنّ يوماً واحداً شخصيّاً يشار إليه بكلمة : «هذا» هو عيدٌ لجميع المسلمين المتشتّتين في أرجاء المعمورة على اختلاف آفاقها ، لا لخصوص بلد دون آخر.
وهكذا الآية الشريفة الواردة في ليلة القدر وأنّها خير من ألف شهر وفيها يفرق كلّ أمر حكيم ، فإنّها ظاهرة في أنّها ليلة واحدة معيّنة ذات أحكام خاصّة لكافّة الناس وجميع أهل العالم ، لا أنّ لكلّ صقع وبقعة ليلة خاصّة مغايرة لبقعة أُخرى من بقاع الأرض.
إذن فما ذهب إليه جملة من الأعاظم من عدم الاعتبار بوحدة الأُفق هو الأوفق بالاعتبار والرأي السديد الحقيق بالقبول حسبما عرفت.
تنبيه :
غير خفي أنّ للقمر على ما ذكره القدماء من الهيئويّين حركتين : حركة في كلّ أربع وعشرين ساعة لها مشرق ومغرب ، وحركة أُخرى في تلك الدائرة يدور فيها حول الأرض من المغرب إلى المشرق في كلّ شهر مرّة واحدة ، فيختلف مكانه في كلّ يوم عن مكانه في اليوم الآخر.
ومن ثمّ قد يتّفق مع الشمس طلوعاً وغروباً وقد يختلف ، فمع الاتّفاق المعبَّر عنه بالمحاق وتحت الشعاع وهو طبعاً في آخر الشهر بما أنّ النصف المستنير فيه بكامله نحو الشمرق ومواجه للشمس لم يُرَ منه أيّ جزء بتاتاً.
ثمّ بعدئذٍ يختلف المسير فينحرف الطرف المستنير إلى الشرق ويستبين جزء منه وبه يتكوّن الهلال الجديد كما تقدّم إلّا أنّ هذا الانحراف المستتبع لتلك
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٦٥٤.