وبين وجود العلّة في السماء وعدمها (١).
______________________________________________________
فما ذهب إليه المشهور من حجّيّة البيّنة على الهلال من غير فرق بين ما إذا كانت في السماء علّة أم لا هو الصحيح.
(١) حسبما عرفت آنفاً.
نعم ، يستثني من ذلك صورة واحدة جرياً على طبق القاعدة من غير حاجة إلى ورود الرواية ، وهي ما لو فرضنا كثرة المستهلّين جدّاً ، وليست في السماء أيّة علّة ، وادّعى من بين هؤلاء الجمّ الغفير شاهدان عادلان رؤية الهلال وكلّما دقّق الباقون وأمعنوا النظر لم يروا ، فمثل هذه الشهادة والحالة هذه ربّما يطمأنّ أو يجزم بخطئها ، إذ لو كان الهلال موجوداً والمفروض أنّ هذين لا مزيّة لهما على الباقين فلما ذا اختصّت الرؤية بهما؟! فلا جرم تكون شهادتهما في معرض الخطأ ، ولا سيّما وأنّ الهلال من الأُمور التي يكثر فيها الخطأ ، ويخيّل للناظر لدى تدقيق النظر ما لا واقع له ، وقد شوهد خارجاً كثيراً إنّ ثقةً بل عدلاً يدّعي الرؤية ويحاول إراءة الناس من جانب ومن باب الاتّفاق يرى الهلال في نفس الوقت من جانب آخر.
وعلى الجملة : فنفس دليل الحجّيّة قاصر الشمول من أوّل الأمر لمثل هذه الشهادة ، لاختصاصها بما إذا لم يعلم أو لم يطمأنّ بخطإ الحجّة ، والسيرة العقلائيّة أيضاً غير شاملة لمثل ذلك البتّة.
فهذه الصورة خارجة عن محلّ الكلام وأجنبيّة عمّا نحن فيه من غير حاجة إلى ورود نصّ خاصّ حسبما عرفت.