ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات (١) ، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوي الوجوب وفي المندوب الندب ، ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنّه من أحكامه ،
______________________________________________________
منهما بلا تعيين ، فلا حاجة منا إلى قصد التعيين.
وأُخرى : يترتّب الأثر على كلّ منهما ، كما لو كان أجيراً في الاعتكاف عن زيد ثمّ صار أجيراً فيه عن عمرو أيضاً ، فإنّ اللّازم حينئذٍ قصد النيابة عن كلّ منها وتعيينه بالخصوص ، وإلّا لم يقع عن شيء منهما.
وثالثةً : يترتّب الأثر على أحدهما دون الآخر ، كما لو كان أجيراً عن زيد وعليه نذر أيضاً فوجب اعتكافان : أحدهما بالإجارة ، والآخر بالنذر ، فإنّ الأول يفتقر إلى القصد ، إذ ما لم يقصد النيابة عن الغير لا يقع عنه فهو من العناوين القصديّة ، بخلاف الوقوع وفاءً عن نذره ، فإنّه يتحقّق وإن كان غافلاً عن نذره ، لأنّ الأمر بالوفاء توصليّ فيتحقّق كيفما اتّفق ، فلو نذر أن يصلّى ليلة الجمعة صلاة الليل فصلّى تلك الليلة اتّفاقاً غافلاً عن نذره فإنّه قد وفى ولم يحنث وإن لم يقصد عنوان الوفاء.
هذا ، ولا ينبغي الشكّ في أنّ مراد الماتن حيث حكم بوجوب التعيين ليس هو القسم الأول ، لما عرفت من أنّه لا تعيّن فيه ليحتاج إلى التعيين ، بل مراده (قدس سره) القسم الثاني أو الأعمّ منه وممّا بعده كما لا يخفى.
(١) قد عرفت أنّ الاعتكاف مندوب في أصل الشرع ويعرضه الوجوب بالعنوان الثانوي الطاري من نذر أو يمين أو شرط ونحو ذلك ، فهو إذن ينقسم إلى واجب ومستحبّ ، ولكن لا يجب قصد شيء من الخصوصيّتين ، لعدم الدليل على اعتبار قصد الوجه في شيء من العبادات كما تعرّضنا له في محلّه في الأُصول