الذي لم يعلم خطؤه ولا خطأ مستنده كما إذا استند إلى الشياع الظنّي (١).
______________________________________________________
(١) يريد (قدس سره) بذلك أنّ حكم الحاكم في الهلال كغيره من موارد المنازعات لا يغيّر الواقع ولا يوجب قلبه عمّا هو عليه ، وإنّما هو طريق محض كسائر الطرق الشرعيّة.
وحينئذٍ فإذا علمنا بخطئه في حكمه وأنّه مخالف للواقع بالقطع الوجداني لم يكن حكمه حجّة وقتئذٍ بالضرورة وإن نُسب ذلك إلى بعض العامّة ، لاختصاص أدلّة الحجج بأسرها بموطن الجهل وظرف الشكّ ، إذ لا سبيل للتعبّد على خلاف القطع.
وأمّا إذا لم نعلم خطأه في الحكم واحتملنا إصابته للواقع ، غير أنّ المستند الذي عوّل عليه نقطع بخطئه فيه وإن كان معذوراً ، لا لتباس الأمر عليه بجهة من الجهات بحيث لو تنبّه إلى ما اطّلعنا عليه لأذعن بخطئه ، كما لو استند في عدالة الشاهدين إلى أصالة العدالة ، ونحن نقطع بأنّهما مشهوران بالفسق وهو لا يعلم ، أو جاءه عادل فشهد وخرج ، ثمّ جاءه مرّة أُخرى ليؤكّد شهادته الاولى وقد غيّر زيّه لغرضٍ من الأغراض ، فتخيّل القاضي أنّه رجل آخر ، أو شهد عنده جماعة لا يفيد إخبارهم عند متعارف الناس الاطمئنان فضلاً عن اليقين ، بل غايته الشياع الظنّي ، ولكن القاضي لحسن اعتقاده بهم مع اعترافه بعدم حجّيّة الشياع الظنّي حصل له اليقين. وهكذا سائر موارد الخطأ في المستند عن عذر.
فإنّه لا أثر لمثل هذا الحكم ، ولا يصحّحه اعتقاد القاضي بمستندٍ كهذا ، كما هو الحال في باب الطلاق ، حيث إنّه لا يقع لدى شاهدين فاسقين وإن تخيّل المطلّق عدالتهما ، إذ الموضوع هو العادل الواقعي لا من يعتقد المطلّق عدالته ، فكما لا يقع الطلاق جزماً مع القطع بالفسق فكذا حكم الحاكم في المقام بمناط واحد.