.................................................................................................
______________________________________________________
البراءة عن وجوب القضاء الذي هو بأمر جديد يشكّ في حدوثه زائداً على المقدار المتيقّن.
وبعبارة اخرى : الأمر الثابت في الوقت قد سقط بخروجه يقيناً ، وقد تعلّق أمر جديد بعنوان القضاء ، وحيث إنّ موضوعه الفوت وهو مردّد بين الأقلّ والأكثر ، فلا جرم يقتصر على المقدار المتيقّن ، ويدفع الزائد المشكوك فيه بأصالة البراءة.
وقد يقال : إنّ أصالة البراءة محكومة باستصحاب بقاء السفر أو المرض ، حيث إنّ مقتضى قوله سبحانه (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) إلخ ، أنّ المريض والمسافر موضوع لوجوب القضاء ، فاستصحاب المرض أو السفر يستوجب ترتيب هذا الأثر ، ومعه لا يبقى مجال لأصالة البراءة.
وربّما يجاب عنه : بأنّ المرض أو السفر بنفسهما لا يقتضيان القضاء جزماً وإن أُخذا موضوعاً له في ظاهر الآية الكريمة ، ومن ثمّ لو صام المسافر جهلاً أو صام المريض باعتقاد عدم الضرر وهو يضرّه واقعاً ضرراً لا يبلغ حدّ الحرمة صحّ صومهما ، فلا يحتمل أن يكونا بمجرّدهما موضوعين لوجوب القضاء على حدّ سائر الأسباب الشرعيّة كالاستطاعة لوجوب الحجّ ليترتّب الأثر على استصحابهما كما يترتّب المسبّب على مجرّد ثبوت السبب بالأصل.
بل المستفاد من مجموع الآيات ولو بضمّ الروايات : أنّ من شهد الشهر وكان صحيحاً حاضراً يجب عليه الصوم ، وغيره وهو المريض أو المسافر غير مأمور به فهو طبعاً لا يصوم ، فإذا لم يصم يجب عليه القضاء ، فهو أي القضاء تدارك لترك الصوم في ظرفه لا أنّه عمل مستقلّ مترتّب على المرض أو السفر ، وإلّا لم يكن قضاء كما لا يخفى ، وقد عُبِّر بلفظ القضاء في جملة من الروايات.