.................................................................................................
______________________________________________________
وعليه ، فهذه الرواية ساقطة ، لضعفها سنداً ، وإن كان الاستدلال بها أولى دلالةً كما عرفت. وقد عرفت ضعف الرواية الأُولى أيضاً.
والعمدة في المقام رواية طلحة التي عرفت أنّها نقيّة السند ظاهرة الدلالة ، فلا بأس بالاستدلال بها.
إنّما الكلام في المراد بالأحقّيّة ، فهل معناها : أنّ هذا المكان يعامَل معه معاملة الملك في أنّه لا يجوز التصرّف فيه إلّا بالإذن ، أو أنّ المراد عدم جواز المزاحمة والمنع عن الاستفادة وأنّ السابق أولى وأحقّ بان يستفيد؟
لا ريب أنّ المعنى الأوّل يحتاج إلى مئونة زائدة وقرينة واضحة بعد أن كان المكان وقفاً للجميع من غير خصوصيّة لأحد ، فإنّ التخصيص بواحد بلا مقتضٍ ما لم يدلّ عليه دليل قاطع.
وبالجملة : القدر المتيقّن ممّا يستفاد من الأحقّيّة هو عدم جواز المزاحمة والإزالة عن المكان ، وأمّا بعد الإزالة وارتكاب المعصية فلا تعرّض في الرواية لجهة تصرّفه أو تصرّف غيره فيه. فلو أزال أحداً عن المكان ثمّ جلس فيه شخص ثالث ، أفهل يحتمل بطلان تصرّفه لكونه في حكم الملك للسابق يتوقّف على إذنه؟ لا يقول بذلك أحد قطعاً ، فإنّه لو تمّ فهو خاصّ بالمزاحم.
وبالجملة : فلا دليل على حرمة المكث ، بل المكان باقٍ على وقفيّته الأصليّ.
ونظير هذا ما ذكرناه في باب أولويّة الولي في الصلاة على الميّت وقلنا : إنّ ما ورد من أنّ أولى الناس بميراثه أولى الناس بالصلاة عليه ليس معناه : أنّه لا يجوز لغير الولي أن يصلّى على الميّت ، بل المراد : عدم جواز مزاحمته في الصلاة وأنّه أولى بذلك ، وإلّا فالوجوب الكفائي ثابت لجميع المكلّفين.