نحو : ليدخل الدّار زيد أو عمرو ، والفرق بينهما (١) أنّ في الإباحة يجوز الجمع بينهما بخلاف التّخيير. [وأمّا فصله] أي تعقيب المسند إليه بضمير الفصل (٢) ، وإنّما جعله (٣) من أحوال المسند إليه ، لأنّه يقترن به أوّلا ، ولأنّه في المعنى عبارة عنه
______________________________________________________
أو الضّلال ، ولم يقل : إنّا لعلى هدى وأنتم في ضلال مبين ، لأنّه فضلا عن كونه خلاف التّأدّب في أكثر المقامات ممّا يجرّ العصبيّة ، ويزيد في الضّالّ عتوّا على عتوّه ، وبعدا عن التّفكّر ، ففي التّعبير المذكور إسماع المخاطبين الحقّ على وجه لا يثير غضبهم ، فالنّكتة دفع الشّغب من دون أن يزيد في إنكارهم.
قال قطب الدّين : إنّما خولف بين (على) و (في) في الدّخول على الحقّ والباطل ، لأنّ صاحب الحقّ كأنّه على فرس جواد يركض به حيث يشاء ، وصاحب الباطل كأنّه منغمس في ظلام لا يدري أين يتوجّه.
(١) أي بين التّخيير والإباحة ، إنّ التّخيير يفيد ثبوت الحكم لأحدهما فقط بالقرينة الخارجيّة حيث دلّت على طلب أحد الأمرين بخلاف الإباحة حيث يجوز الجمع بينهما أيضا ، لكن لا من حيث مدلول اللّفظ بل بالقرينة الخارجيّة ، فالمثال المذكور صالح للتّخيير والإباحة ، والتّعيين إنّما هو بدليل خارجي.
(٢) في التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ قوله : «فصله» بمعنى ضمير الفصل لا المعنى المصدريّ ، فيكون على حذف المضاف ، أي إيراد الفصل ، فهو بيان حاصل المعنى.
(٣) أي ضمير الفصل ، هذا جواب عن سؤال مقدّر : وهو أنّه لماذا جعل المصنّف ضمير الفصل من أحوال المسند إليه دون المسند ، ولم يجعله من أحوالهما مع أنّه لا يتحقّق إلّا بين المسند إليه والمسند ، ومع أنّ المسند عين المسند إليه.
وحاصل الجواب : إنّما جعله من أحوال المسند إليه لأنّ ضمير الفصل يقترن بالمسند إليه أوّلا وقبل مجيء الخبر ، هذا أوّلا ، وثانيا أنّه في المعنى عبارة عن نفس المسند إليه «وفي اللّفظ مطابق له» أي في التّذكير والتّأنيث والإفراد والتّثنية والجمع بخلاف المسند ، فإنّه قد يكون فعلا مضارعا ، فلا تحصل المطابقة في اللّفظ ، ثمّ ما ذكرناه من أنّ ضمير الفصل هو عين المسند إليه في المعنى مبنيّ على ما هو المشهور من كونه اسما ، وجعله مبتدأ أو تأكيدا أو بدلا ، وأمّا على مذهب أكثر البصريّين من أنّه حرف على ما صرّح صاحب