كما في الفاعل فإنّ مرتبة العامل التّقدّم على المعمول (١) [وإمّا ليتمكّن الخبر في ذهن السّامع ، لأنّ في المبتدأ تشويقا إليه] أي الخبر (٢) [كقوله (١) :
والّذي حارت البريّة فيه |
|
حيوان مستحدث (٣) من جماد] |
يعني تحيّرت الخلائق في المعاد الجسماني (٤) والنّشور (٥) الّذي ليس بنفساني (٦) بدليل ما قبله :
بأنّ أمر الإله واختلف النّا |
|
س فداع إلى ضلال (٧) وهاد |
______________________________________________________
(١) قيل : إنّ للفاعل مرتبتين : الأصل لكونه مسندا إليه ، وعدمه بحسب كونه معمولا ، فالأوّل يقتضي التّقديم ، والثّاني عدمه ، فاجتمع المقتضي والمانع ، فرجّح المانع.
(٢) أي تشويقا للسّامع إلى الخبر لما معه من الوصف الموجب لذلك أو من الصّلة كذلك ، كما في قوله : «حارت» في المثال الآتي ، فإنّ فيها تشويقا للنّفس إلى علم الخبر.
فإذا قيل : حيوان ، تمكّن في النّفس ، لأنّ الحاصل بعد الطّلب ألذّ وأعزّ من المنساق بلا تعب. والمراد من الخبر هو الخبر وقتا ما ، ولو في غير الحال ليشمل البيان تقديم المفعول الأوّل من باب علم على الثّاني نحو قولك : علمت الّذي حارت البريّة ـ أعني الخلائق ـ فيه حيوانا مستحدثا من جماد.
(٣) المراد من استحداث الحيوان من الجماد البعث والمعاد للأجسام الحيوانيّة يوم القيامة ، ويدل عليه قوله : «بان أمر الإله» أي ظهر أمره تعالى.
والشّاهد قوله : «والّذي» حيث إنّه مسند إليه ، وقدّم لتشويق السّامع إلى الخبر أعني «حيوان».
(٤) أي الرّجوع وعود الجسم ، ثمّ الاختلاف إنّما هو في المعاد الجسماني لا في المعاد النّفساني إذ المعاد النّفساني حقّ بالاتّفاق.
(٥) بمعنى الإحياء ، عطف تفسيريّ على «المعاد».
(٦) أي ليس بروحانيّ بل هو جسمانيّ.
(٧) أي كان بعضهم داعيا للخلائق إلى الضّلال كالمعتزلة ، لأنّهم لا يقولون بالمعاد
__________________
(١) أي قول أبي العلاء المعرّي من قصيدة يرثي بها فقيها حنفيّا.