البحث
البحث في دروس في البلاغة
ليسا (١) من المعاني الّتي يدركها الوهم ، وكذا التّقارن (٢) في الخيال ليس من الصّور الّتي تجتمع في الخيال ، بل جميع ذلك (٣) معان معقولة (٤)
________________________________________
وإن كان الجامع العقليّ قد يكون مدركا بالوهم.
وحاصل الكلام في المقام : أنّه ليس المراد بالجامع الوهميّ ما يكون مدركا بالوهم «لأنّ التّضادّ» الكائن بين الشّيئين الكلّيّين كما في الأمثلة المذكورة ، فلا يرد بأنّ التّضادّ الجزئيّ وشبه التّضادّ الجزئيّ يدركهما الوهم ، فلا معنى لنفي إدراكه لهما.
(١) أي لأنّ التّضادّ وشبهه «ليسا من المعاني الّتي يدركها الوهم» ، فإنّ شأن الوهم إدراك المعاني الجزئيّة لا الكلّيّة ، كالتّضادّ بين السّواد والبياض ، وشبه التّضادّ بين طبيعيّ السّماء ، وطبيعيّ الأرض ، وبين الأوّل والثّاني.
(٢) أي التّقارن في الخيال الّذي هو الجامع الخياليّ ليس من الصّور الّتي تجتمع في الخيال فإنّ التّقارن ، أي تقارن الصّور من قبيل المعاني ، وإن كان متعلّقا بها.
(٣) أي جميع ما ذكر من الجوامع «معاني معقولة».
(٤) أي معان معقولة بحسب ما ذكره المصنّف من الأمثلة الكلّيّة ، وإلّا فقد يكون من المعاني الموهومة.
وتوضيح ذلك : إنّ التّضايف والتّماثل والاتّحاد والتّضادّ وشبه التّضادّ ، وشبه التّماثل إن لوحظت بالقياس إلى الأمرين الكلّيّين كما في الأمثلة الّتي سبقت ، فهي معان معقولة ومدركة بالعقل أوّلا لا غير ، وإن قيست بالنّسبة إلى الأمرين الجزئيّين فهي معان جزئيّة مدركة بالوهم أوّلا لا غير ، فعندئذ يتوجّه سؤال أنّه إذا كانت تلك الأمور في الفرض الأوّل مدركة بالعقل ، وفي الفرض الثّاني مدركة بالوهم ، فما هو السّرّ في جعل الاتّحاد والتّضايف والتّماثل جامعا عقليّا على الإطلاق ، والتّضادّ وشبهه ، وشبه التّماثل جامعا وهميّا كذلك.
والجواب عنه أنّ العقل يدرك ما أدركه الوهم بواسطته ، وكذلك بالعكس ، كما ذكرنا حيث قلنا : إنّ القوى المدركة كالمرائي المتقابلة يرتسم في كلّ واحدة منها ما يرتسم في الأخرى ، فإذا نقول : السّرّ في عدّ التّماثل والاتّحاد والتّضايف جامعا عقليّا مطلقا ، إنّ هذه الأمور صالحة للجمع في نظر العقل من دون أن يحتال في كونها جامعة إلى شيء ، فإنّ حضور أحد المتّحدين في المفكّرة هو عين حضور الآخر فيها واقعا ، وكذلك حضور أحد المتماثلين بعد