لأسباب (١) مؤدّية إلى ذلك [وأسبابه] أي وأسباب التّقارن في الخيال [مختلفة (٢) ، ولذلك (٣) اختلفت الصّور الثابتة في الخيالات ترتّبا (٤) ووضوحا]
________________________________________
سابق على هذا التّقارن الحاصل بالعطف.
(١) متعلّق بتقارن وعلّة ، والمعنى بأن يكون بينهما تقارن في الخيال لأجل أسباب موصلة إلى ذلك التّقارن الخياليّ السّابق على العطف.
(٢) أي توضيح ذلك : إنّ تلك الأسباب وإن كانت راجعة إلى مخالطة ذوات تلك الصّور الحسّيّة المقترنة في الخيال إلّا أنّ أسباب تلك المخالطة مختلفة ، فيمكن وجودها عند شخص دون آخر ، مثلا إذا تعلّقت همّة إنسان بصناعة الكتابة أوجب له ذلك مخالطة آلاتها من قلم ودواة ومداد وقرطاس ، وهذه المخالطة تقتضي أن تقترن صور المذكورات في خياله ، فيصحّ أن يعطف بعضها على بعض عند إلقاء الكلام إلى الكاتب لا إلى الفلّاح ، فيقال له : القلم عندي ، والقرطاس عندك ، وإن تعلّقت همّة إنسان بصناعة الصّياغة أوجب له ذلك مخالطة الصّائغ لآلاتها ، فتقترن بها صورها في خياله ، فيصحّ أن يعطف بعضها على بعض إذا ألقي الكلام إليه لا إلى الكاتب ، وإن كان الإنسان من أهل التّعيّش بالحيوانات كالغنم والإبل مثلا ، وكان راعيا أوجب له ذلك مخالطتها وأمورها ، فصنعة الرّعي تقتضي مخالطة الرّاعي لما يتعلّق به من العصا والجبال وما يرعيه من الحيوانات ، وتوجب ذلك تقارن صورها في خياله ، فيصحّ عطف بعضها على بعض إذا ألقي إليه الكلام ، لا إلى إمام الجماعة.
فالحاصل إنّ سبب تقارن الصّور هو المخالطة لذواتها ، وسبب المخالطة هو الشّغل الّذي يحتاج إليها ، وحيث إنّ الشّغل مختلف ، فالمخالطة مختلفة ، ولازم ذلك اختلاف التّقارن.
(٣) أي لأجل اختلاف أسباب التّقارن من المخالطات والأشغال.
(٤) أي كلّ واحد منهما تمييز محوّل عن فاعل اختلفت ، أي اختلفت ترتّب الصّور ووضوحها ، والمراد بترتّبها اجتماعها في الخيال على هيئة خاصّة من حيث التّقدّم والتّأخّر بحيث لا ينفكّ بعضها عن بعض ، والمراد بوضوحها عدم غيبتها عن الخيال على أيّ هيئة كانت ، فمعنى اختلاف الصّور ترتّبا كون الصّور على هيئة خاصّة في خيال ، وعلى غيرها في خيال آخر ، ومعنى اختلافها وضوحا عدم غيبتها عن خيال ، وغيبتها عن خيال آخر ، أو عدم خطورها فيه أصلا.