أي (١) على طريق طلب العلوّ وعدّ الأمر نفسه عاليا ، سواء كان عاليا في نفسه أم لا [لتبادر (٢) الفهم عند سماعها] أي سماع الصّيغة [إلى ذلك] المعنى أعني الطّلب استعلاء ، والتّبادر إلى الفهم من أقوى إمارات الحقيقة (٣) ، [وقد تستعمل] صيغة الأمر [لغيره] أي لغير طلب الفعل استعلاء (٤). [كالإباحة (٥) ، نحو : جالس الحسن أو ابن سيرين (٦)] فيجوز له أن يجالس أحدهما أو كليهما ، وأن لا يجالس أحدا منهما أصلا ، [والتّهديد (٧)] أي التّخويف
________________________________________
(١) أي في التّفسير إشارة إلى أنّ نصب «استعلاء» بنزع الخافض مع تقدير مضاف ، ويحتمل أن يكون حالا من فاعل المصدر المحذوف ، أي حال كون الطّالب مستعليا.
(٢) متعلّق بقوله : «الأظهر» ، فالمعنى والأظهر أنّ صيغة الأمر موضوعة لطلب الفعل استعلاء ، لتبادر الفهم أي تبادر المعنى من اللّفظ إلى الفهم.
(٣) أي من أقوى أمارات كون اللّفظ حقيقة في المعنى المتبادر منه.
(٤) أي لغير الأمر مما يناسب المقام بحسب القرائن ، وذلك بأن لا يكون لطلب الفعل أصلا ، أو كان لطلبه لكن لا على سبيل الاستعلاء ، كالإباحة مثلا.
نعم ، لم يتعرّض الشّارح لعلاقة المجاز في ذلك الغير ، وتعرّض أهل الأصول ، فراجع.
(٥) وذلك إنّ المقام الصّالح لها توهّم السّامع عدم جواز الجمع بين أمرين ، والعلاقة في ذلك الإطلاق والتّقييد ، حيث إنّ معنى صيغة الأمر هو الإذن في الفعل مع طلبه على نحو الاستعلاء ، وهنا قد استعملت في الإذن فقطّ ، فإن كانت إرادة الإباحة وهو الإذن مع تساوي الطّرفين من باب أنّها فرد من الإذن المطلق ، يكون المجاز واحدا ، وإن كانت من باب أنّها معنى من المعاني ، ومشتملا على خصوصيّة ليست في المطلق ، يكون المجاز متعدّدا ، من باب سبك المجاز من المجاز.
(٦) يقال هذا عند توهّم السّامع عدم جواز مجالستهما معا ، فأبيح له مجالستهما ، وقيل : إنّ صيغة الأمر في المثال المذكور للتّخيير ، والفرق بينه وبين الإباحة هو جواز الجمع بين الأمرين في الإباحة دون التّخيير.
(٧) والمقام الصّالح له أن لا يكون المأمور راضيا بالمأمور به ، ولا يكون متهيّئا للامتثال ، والعلاقة هنا هو التّضاد بين الطّلب والتّهديد من حيث المتعلّق ، حيث يكون متعلّق طلب