أمير المؤمنين بها على الملأ يوم الشورى بقوله : «أنشدكم الله أفيكم أحدٌ رُدّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر غيري؟». قالوا : لا (١).
وأخرج الخوارزمي في المناقب (٢)) (ص ٢٦٠) عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : قيل له : ما تقول في عليِّ بن أبي طالب؟ فقال : ذكرت والله أحد الثقلين ، سبق بالشهادتين ، وصلّى بالق بلتين ، وبايع البيعتين ، وأُعطي السبطين ، وهو أبو السبطين الحسن والحسين ، ورُدّت عليه الشمس مرّتين بعد ما غابت عن الثقلين.
ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأولى حتى اليوم ، يوجد منه شطر مهمّ في غضون كتابنا. راجع (٢ / ٢٩٣ و ٣ / ٢٩ ، ٥٧).
فبهذه كلّها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه ، ونحن لا يسعنا إيقاف القارئ على كلِّ ما في الفِصَل من الطامّات ولا على شطرٍ مهمٍّ منه ، إذ جميع أجزائه ـ ولا سيّما الجزء الرابع ـ مشحونٌ بالتحكّم والتقوّل والتحريف والتدجيل والإفك والزور ، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلاّ في عالم خيال مؤلِّفه.
وأمّا ما فيه من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له ، بحيث لو أردنا استيفاءه لكلّفنا ذلك جزءاً ، ولا يسلم أحدٌ من لدغ لسانه لا في فِصَله ولا في بقيّة تآليفه حتى نبيُّ العظمة ، قال في الإحكام (٣) (٥ / ١٧١) : قد غاب عنهم ـ يعني الشيعة ـ أنّ سيِّد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة.
أيساعده في هذه القارصة أدب الدين ، أدب التأليف ، أدب العلم ، أدب العفّة؟ (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (٤)
__________________
(١) مرّ الإيعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى : ١ / ١٥٩ ـ ١٦٣. (المؤلف)
(٢) المناقب : ص ٣٢٩ ح ٣٤٩.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام : ٥ / ١٦٠.
(٤) القمر : ٢٥ ـ ٢٦.