بها ساقة الناس وأوباشهم ، ولعلَّ في الساقة من تندى جبهة إنسانيّته عند التلفّظ بها ، لأنّها مخاريق مقيلها قاعة الفرية ، ليس لها وجود ماثل إلاّ في مخيّلة ابن تيميّة وأوهامه.
يختلق هذه النسب المفتعلة ، ويتعمّد في تلفيق هذه الأكاذيب المحضة ، ثمَّ جاء يسبّ ويشتم ويكفِّر ويكثر من البذاء على الشيعة ، ولا يراعي أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب الأمانة في النقل ، أدب النزاهة في الكتابة ، أدب العفّة في البيان.
ولا يحسب القارئ أنَّ هذه النسب المختلقة كانت في القرون البائدة ربّما تنشأ عن الجهل بمعتقدات الفرق للتباعد بين أهليها ، وذهبت كحديث أمس الدابر ، وأمّا اليوم فالعقول على الرقيّ والتكامل ، والمواصلات في البلاد أكيدة جدّا ، ومعتقدات كلِّ قوم شاعت وذاعت في الملأ ، فالحريُّ أن لا يوجد هناك في هذا العصر ـ الذي يسمّيه المغفَّل عصر النور ـ من يرمي الشيعة بهذه الخزايات أو يرى رأي السلف.
نعم : إنّ أقلام كتّاب مصر اليوم تنشر في صحائف تآليفها هذه المخاريق نفسها ، وتزيد عليها تافهات شائنة أخرى أهلك من تُرَّهات البسابس (١)) أخذاً بناصر سلفهم ، وسنوقفك على نصِّ تلكم الكلم ، ونعرِّفك بأنَّ كاتب اليوم أكثر في الباطل تحوّراً ، وأقبح آثاراً ، وأكذب لساناً ، وأقول بالزور والفحشاء من سلفه الصلف وشيخه المجازف ، وهم مع ذلك يدعون الأمّة إلى كلمة التوحيد ووحدة الكلمة!
٨ ـ قال : إنَّ العلماء كلّهم متّفقون على أنَّ الكذب في الرافضة أظهر منه في سائر طوائف أهل القبلة ، حتى إنّ أصحاب الصحيح كالبخاري لم يروِ عن أحد من قدماء الشيعة مثل : عاصم بن ضمرة ، والحارث الأعور ، وعبد الله بن سلمة وأمثالهم ، مع أنّ هؤلاء من خيار الشيعة (١ / ١٥).
__________________
(١) البسابس : جمع بسبس ، وهو القفر ، وترّهات البسابس : الكذب والباطل.