لم يكن ذلك كلّه ، ولكن يروق الرجل أن يشبِّه الرافضة بالنصارى ، ويقرن بين إيمان عليٍّ عليهالسلام وإيمان معاوية الدهاء ويزيد الفجور والماجنين من جبابرة بني أميّة والمتهتّكين من العبّاسيّين ، وهذا مبلغ علمه ودينه وورعه وأدبه.
١٣ ـ وفي (٢ / ٩٩) قذف شيخ الأمّة نصير الملّة والدين الطوسي وأتباعه والرافضة كلّهم بأنواع من التهتّك والاستهتار : من إضاعة الصلوات ، وارتكاب المحرّمات واستحلالها ، وعدم التجنّب عن الخمر والفواحش حتى في شهر رمضان ، وتفضيل الشرك بالله على عبادة الله ، ويراها حال الرافضة دائماً ، إلى غيرها ممّا علمت البحّاثة أنَّها أكاذيب وطامّات أُريد بها إشاعة الفحشاء في الذين آمنوا بتشويه سمعتهم ، والله تعالى هو الحَكم الفصل يوم تُنصب الموازين ، ويُسأل كلّ أحدٍ عمّا لفظه من قول و (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (١).
١٤ ـ قال : أشهر الناس بالردّة خصوم أبي بكر الصدِّيق رضى الله عنه وأتباعه كمسيلمة الكذّاب وأتباعه وغيرهم ، وهؤلاء تتولاّهم الرافضة كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم ، مثل هذا الإماميّ ـ يعني العلاّمة الحلّي ـ وغيره ، ويقولون : إنّهم كانوا على الحقِّ ، وإنّ الصدّيق قاتلهم بغير حقٍّ (٢ / ١٠٢).
الجواب : ليت هناك مُسائلاً هذا الرجل عمّن أخبره بتولّي الرافضة لمسيلمة ونظرائه ، وهم لا يفتئون يُسمّونه بالكذّاب ، ويروون الفضائح من أعماله ، وكتبهم مفعمة بمخاريقه ، وهم لا يحصرون النبوّة إلاّ بخاتمها محمد سيد الأنبياء ـ صلوات الله عليه وآله وعليهم ـ ويكفِّرون من يدّعيها غيره.
وليته دلّنا على أولئك الشيوخ الذين نقل عنهم ذلك القول المائن ، أو هل شافهوه بعقيدتهم؟ فِلمَ لم يذكر أسماءهم؟ ولِمَ لم يسمّ أشخاصهم؟ على أنَّه غير مؤتمن في النقل عنهم ، وهو لا يزال يتحرّى الوقيعة فيهم ، أو أنَّه وجده في كتبهم؟ فما
__________________
(١) سورة ق : ١٨.