٨ ـ
محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية
|
تأليف الشيخ محمد الخضري |
لقد أخرج الرجل هذا الكتاب بصفة التاريخ ، لكنه لم يجرِ على بساطته ، وإنّما أودع فيه نزعاته الأمويّة ، فترى في كلّ ثنية منه هملجة ، وفي كل فجوة منه تركاضاً ، فلا هو كتاب تاريخ يسكن إلى نقله ، ولا كتاب عقيدة ينظر في نقده ، وإنّما هو هياج ولغط يعكّر الصفو ، ويقلق الطمأنينة ، فكان الأحرى بنا الإعراض عنه وعن أغلاطه ، لكن لم نجد بُدّا من لفت القارئ إلى نزر من سقطاته.
١ ـ قال في (٢ / ٦٧) : وممّا يزيد الأسف أنّ هذه الحرب ـ صفِّين ـ لم يكن المراد منها الوصول إلى تقرير مبداً دينيٍّ ، أو رفع حيفٍ حلَّ بالأمّة ، وإنَّما كانت لنصرة شخص على شخص.
فشيعة عليٍّ تنصره لأنّه ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحقُّ الناس بولاية الأمر ، وشيعة معاوية تنصره لأنّه وليُّ عثمان ، وأحقُّ الناس بطلب دمه المسفوك ظلماً ، ولا يرون أنَّه ينبغي لهم مبايعة من آوى إليه قتلته.
الجواب : ليت الرجل بيّن لنا المبادئ الدينية عنده حتى ننظر في انطباقها على هذه الحرب ، وحيث لم يبيِّن فنحن نقول :
أيُّ مبداً دينيٍّ هو أقوى من أن تكون الحرب والمناصرة لتنفيذ كلمة رسول الله يوم أمر أمير المؤمنين عليهالسلام بقتال القاسطين وهم أصحاب معاوية وأمر أصحابه بمناصرته يومئذٍ (١) ، ورأى من واجبهم جهاد مقاتليه وقال : «سيكون بعدي قومٌ يقاتلون عليّا على الله جهادهم ، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمن لم يستطع
__________________
(١) راجع : ص ١٨٨ ـ ١٩٥. (المؤلف)