٨ ـ يعزو إلى الشيعة (١) في (٨ / ١٩٦) مشفوعاً ذلك بالتكذيب منه أنَّ منهم من زعم أنَّ الإبل البخاتي إنَّما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم ـ يوم سبي عقائل بيت الوحي يوم كربلاء ـ لتستر عوراتهنَّ من قُبلهنَّ ودُبرهنّ.
الجواب : لا أحسب أنَّ في الشيعة معتوهاً يزعم أنَّ الأسنمة الموجودة في الإبل بخاتيّها وعرابيّها منذ كُوّنت ، حدثت بعد واقعة الطفّ. الشيعة لا تقول ذلك وإنَّما يأفك بهم من أفك ، وهو يريد الوقيعة فيهم بإسناد التافهات إليهم ، ولا يعتقد الشيعيُّ أنّ حرائر النبوّة وإن سُلِبْنَ الحليّ ، والحلل ، والأُزُر ، والأخمرة ، مضين في السبي عاريات ؛ واستقبلهنّ شيءٌ من مظاهر الخزي ، فإنَّ عطف المولى لهنَّ كان يأبى ذلك كلّه.
نعم ؛ انتابتهنّ محن ونوائب وكوارث وشدائد في سبيل جهادهنَّ ، كما انتابت رجالهنَّ في سبيل جهادهم ، وكلّ ما ينتاب المجاهد بعين الله وفي سبيله فهي مأثرة له لا مخزاة ؛ فإنَّهن شاركن الرجال في تلك النهضة المقدّسة التي أسفرت عن فضيحة الأمويِّين ومكائدهم ونواياهم السيِّئة على الدين والمسلمين ، وإضمارهم إرجاع الملأ الدينيِّ إلى الجاهليّة الأولى.
لكن حسين الدين والهدى المفوَّض إليه كلاءة دين جدِّه عن عادية أعدائه ، الناظر إلى هاتيك الأحوال من أَمَم ، وقف هو وآله وأصحابه ونساؤه ذلك الموقف الرهيب ، فأنهوا إلى الجامعة الدينيّة (٢) مقاصد القوم ، وأبصروهم المعاول الهدّامة لتدمير الشريعة في أيدي آل أميّة ، وإنَّ ذلك المقعي على أنقاض الخلافة الإسلاميّة لا صلة له برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا نصيب له من الخلافة عنه ، ولم يزل عليهالسلام يتل وهاتيك الصحيفة السوداء لبني صخر ، حتى لفظ نفسه الأخير في مشهد يوم الطفّ ، وحتى انتهى السير بنسائه وذراريه إلى الشام.
__________________
(١) البداية والنهاية : ٨ / ٢١٣ حوادث سنة ٦١ ه.
(٢) يريد قدسسره بذلك المجتمع الإسلامي.