الدين والفضل ، وشهادة رسول الله له ولأخيه بسيادة شباب أهل الجنّة ، اجتراءً على الله وكفراً بدينه وعداوةً لرسوله ومجاهدةً لعترته واستهانةً بحرمته ، فكأنَّما يقتل به وبأهل بيته قوماً من كفّار أهل الترك والديلم ، لا يخاف من الله نقمةً ، ولا يرقب منه سطوةً ، فبتر الله عمره ، واجتثَّ أصله وفرعه ، وسلبه ما تحت يده ، وأعدَّ له من عذابه وعقوبته ما استحقّه بمعصيته .. إلخ.
راجع تاريخ الطبري (١) (١١ / ٣٥٨).
وقبل هذه كلّها ما مرَّ (ص ٢٥٧) من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّ أوّل من يبدِّل سنّته رجل من بني أميّة ، و «لا يزال هذا الأمر معتدلاً قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أميّة يقال له يزيد».
وإلى مثل هذه كان يرمي كلَّ من ينقم بيعة يزيد ، فخلافة مثله وهو على هذه الحالة خطر عظيم على الدين والمسلمين من شتّى النواحي :
١ ـ فقومٌ تتضعضع ضمائرهم عن الدين لما تمركز في الأدمغة من أنّ الخليفة يجب أن يكون مسانخاً لمن يتخلّف عنه ، والناشئة الذين لم يدركوا عصر النبوّة ولم تكهربهم التعاليم الصحيحة في العصور المظلمة ، تخالجهم هذه الشبهة بأسرع ما يكون ، فيحسبون أنَّ قداسة النبيِّ الأعظم كانت ملوّثة ـ العياذ بالله ـ بأمثال هذه الأدناس ، من دون علم بأنَّ الرجل خليفة أبيه لا خليفة رسول الله ، وإنَّما سنّمه ذلك العرش المطامع والشره من جانب ، والتخويف والإرهاب من جانب.
٢ ـ قومٌ يروقهم اقتصاص أثر الخليفة في تهتّكه لميل النفوس إلى الاستهتار ورفض القيود تارة ، ومن جهة حبُّ التشبّه بالعظماء والساسة طوراً ـ والناس على دين مليكهم ـ والناس إذا استهوتهم الشهوات لا يقفون على حدّ ، فتكثر فيهم الموبقات ، وتشيع الفواحش ، فمن فجورٍ إلى مثله ، ومن فاحشةٍ إلى أخرى ، فلا يمرُّ
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك : ١٠ / ٦٠ حوادث سنة ٢٨٤ ه.