منك. فقال الحسين : «هذا هو الإفك والزور ، يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير منّي؟» (١).
وفي كتاب المعتضد الذي تُلي على رءوس الأشهاد في أيّامه ، ما نصّه :
ومنه : إيثاره ـ يعني معاوية ـ بدين الله ، ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبِّر الخِمِّير ، صاحب الديوك والفهود والقرود ، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر ، والسطوة ، والتوعيد ، والإخافة ، والتهدّد ، والرهبة ، وهو يعلم سفهه ، ويطّلع على خبثه ورهقه ، ويعاين سَكَرَانَهُ وفجوره وكفره. فلمّا تمكّن منه ما مكّنه منه ، ووطّأه له وعصى الله ورسوله فيه ، طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين ، فأوقع بأهل الحرّة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ، ولا أفحش ممّا ارتكب من الصالحين فيها ، وشفى بذلك عبد نفسه وغليله ، وظنَّ أن قد انتقم من أولياء الله ، وبلغ النوى لأعداء الله ، فقال مجاهراً بكفره ومظهراً لشركه :
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا |
|
جَزَعَ الخزرجِ من وَقْع الأسلْ (٢) |
قد قتلنا القَرْمَ من ساداتِهمْ |
|
وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدلْ |
فأهلّوا واستهلّوا فرحاً |
|
ثمَّ قالوا يا يزيدُ لا تشلْ |
لستُ من خندفَ إن لم أنتقمْ |
|
من بني أحمدَ ما كان فعلْ |
لعبت هاشمُ بالملكِ فلا |
|
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ |
هذا هو المروق من الدين ، وقول من لا يرجع إلى الله وإلى دينه ، ولا إلى كتابه ، ولا إلى رسوله ، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله.
ثمَّ من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن عليّ ، وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ، ومنزلته من
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٥٥ [١ / ١٦٣]. (المؤلف)
(٢) الأسل : الرماح ، وقد يطلق على النبل.