وللمسألة بحثٌ ضافٍ مترامي الأطراف تتضمّنه كتب الكلام.
وأمّا أفعال العباد فلو كانت مخلوقةً لله سبحانه خلق تكوين لبطل الوعد والوعيد والثواب والعقاب ، وإنَّ من القبيح تعذيب العاصي على المعصية وهو الذي أجبره عليها ، وهذه من عويصات مسائل الكلام ، قد أُفيض القول فيها بما لا مزيد عليه ، وإنَّ من يقول بخلق الأفعال فقد نسب إليه سبحانه القبيح والظلم غير شاعر بهما ، وما استند إليه القصيميّ من الإجماع وقول القائلين لا يكاد يجديه نفعاً تجاه البرهنة الدامغة.
وأمّا قذف أهل السنّة الشيعة والمعتزلة بما قذفوه وعدُّهم من المبتدعين ، فإنَّها شِنْشِنَةٌ أعرفها من أخزم (١).
٦ ـ قال في عدّ معتقدات الشيعة : وذرّية النبيِّ جميعاً محرّمون على النار ، معصومون من كلِّ سوء. في الجزء الثاني (ص ٣٢٧) من كتاب منهاج الشريعة زعم مؤلِّفه أنّ الله حرّم جميع أولاد فاطمة بنت النبيِّ على النار ، وأنَّ من فاته منهم أوّلاً فلا بدَّ أن يوفَّق إليه قبل وفاته. قال : ثمّ الشفاعة من وراء ذلك.
وقال في أعيان الشيعة الجزء الثالث (ص ٦٥) : إنَّ أولاد النبيِّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يخطئون ولا يذنبون ولا يعصون الله إلى قيام الساعة (٢ / ٢٠).
الجواب : إنَّ الشيعة لم تكسُ حلّة العصمة إلاّ خلفاء رسول الله الاثني عشر من ذرّيته وعترته وبضعته الصدّيقة الطاهرة ، بعد أن كساهم الله تعالى بتلك الحلّة الضافية بنصِّ آية التطهير في خمسةٍ أحدهم نفس النبيِّ الأعظم ، وفي البقيّة بملاك الآية والبراهين العقليّة المتكثّرة والنصوص المتواترة ، وعلى هذا أصفق علماؤهم والأمّة الشيعيّة جمعاء في أجيالهم وأدوارهم ، وإن كان هناك ما يوهم إطلاقاً أو عموماً فهو
__________________
(١) مثل يضرب لمن يكرّر عادة أسلافه ويعمل وفق طبيعتهم ، والشنشنة هي العادة والطبيعة. مجمع الأمثال : ٢ / ١٥٥ رقم ١٩٣٣.