أجمع العلماء من أهل الحديث والسنّة والأثر كالأئمّة الأربعة على الإيمان بذلك كلِّه ، ليس بينهم خلافٌ في أنَّ الله خالقُ كلِّ شيءٍ ، حتى العباد وأفعالهم ، ولا في رؤية الله يوم القيامة.
ومن عجب أن تنكر الشيعة ذلك خوف التشبيه ، وهم يقولون بالحلول والتشبيه الصريح ، وبتأليه البشر ، ووصف الله بصفات النقص ، وأهل السنّة يعدُّون الشيعة والمعتزلة مبتدعين غير مهتدين في جحدهم هذه الصفات (١ / ٦٨).
الجواب : إنَّ الرجل قلّد في ذات الله وصفاته ابن تيميّة وتلميذه ابن القيِّم ، ومذهبهما في ذلك كما قال الزرقاني المالكي في شرح المواهب (٥ / ١٢) : إثبات الجهة والجسميّة ، وقال : قال المناوي : أمّا كونهما من المبتدعة فمسلّم. والقصيميّ يقدّسهما ورأيهما ويصرِّح بالجهة ويعيِّنها ، وله فيها كلمات كثيرة في طيِّ كتابه ، ونحن لا نناقشه في هذا الرأي الفاسد ، ونحيل الوقوف على فساده إلى الكتب الكلاميّة من الفريقين ، والذي يهمّنا إيقاف القارئ على كذبه في القول ، واختلاقه في النسب.
إنّ الشيعة لم تتّبع المعتزلة في إنكار رؤية الله يوم القيامة ، بل تتّبع برهنة تلك الحقيقة الراهنة من العقل والسمع ، وحاشاهم عن القول بالحلول ، والتشبيه ، وتأليه البشر ، وتوصيف الله بصفات النقص ، وإنكار صفات الله الثابتة له. بل إنَّهم يقولون جمعاء بكفر من يعتقد شيئاً من ذلك ، راجع كتبهم الكلاميّة قديماً وحديثاً ، وليس في وسع الرجل أن يأتي بشيءٍ ممّا يدلُّ على ما باهتهم ، ولعمري لو وجد شيئاً من ذلك لصدح به وصدع.
نعم ؛ تنكر الشيعة أن تكون لله صفات ثبوتيّة زائدة على ذاته وإنَّما هي عينها ، فلا يقولون بتعدّد القدماء معه سبحانه ، وإنّ لسان حالهم ليناشد من يخالفهم بقوله :
إخواننا الأدنين منّا ارفقوا |
|
لقد رقيتمْ مرتقىً صعبا |
إن ثلّثت قومٌ أقانيمهمْ |
|
فإنَّكم ثمّنتمُ الربّا |