لفت نظر
لعلَّ الباحث يرى خلافاً بين كلمات أمير المؤمنين المذكورة (ص ٢٢١ ـ ٢٢٤) في سنيّ عبادته وصلاته مع رسول الله ، بين ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع سنين.
فنقول : أمّا ثلاث سنين : فلعلَّ المراد منه ما بين أوّل البعثة إلى إظهار الدعوة من المدّة ، وهي ثلاث سنين (١) ، فقد أقام صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكّة ثلاث سنين من أوّل نبوّته مستخفياً ، ثمَّ أعلن في الرابعة.
وأمّا خمس سنين : فلعلَّ المراد منها سنتا (٢) فترة الوحي من يوم نزول : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) إلى نزول (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) ، وثلاث سنين من أوّل بعثته بعد الفترة إلى نزول قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٣) وقوله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٤) سنوّ الدعوة الخفيّة التي لم يكن فيها معه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ خديجة وعليّ. وأحسب أن هذا مراد من قال : إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مستخفيا أمره خمس سنين. كما في الإمتاع (ص ٤٤).
وأمّا سبع سنين : فإنَّها مضافاً إلى كثرة طرقها وصحّة أسانيدها معتضدة بالنبويّة المذكورة (ص ٢٢٠) وبحديث أبي رافع المذكور (ص ٢٢٧) وهي سنوّ الدعوة النبويّة من أوّل بعثته صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى فرض الصلاة المكتوبة.
وذلك أنَّ الصلاة فُرضت بلا خلاف ليلة الإسراء ، وكان الإسراء كما قال محمد ابن شهاب الزهري قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقد أقام صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكّة عشر سنين ، فكان أمير المؤمنين خلال هذه المدّة ـ السنين السبع ـ يعبد الله ويصلّي معه صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٢١٦ ، ٢١٨ [٢ / ٣١٨ ، ٣٢٢] ، سيرة ابن هشام : ١ / ٢٧٤ [١ / ٢٨٠] ، طبقات ابن سعد : ص ٢٠٠ [٣ / ٢١] ، الإمتاع : ص ١٥ ، ٢١. (المؤلف)
(٢) عدّهما المقريزي أحد الأقوال في أيّام فترة الوحي في الإمتاع : ص ١٤. (المؤلف)
(٣) الحجر : ٩٤.
(٤) الشعراء : ٢١٤.