النظر عمّا ذكره بعدُ من مضاهاة التاريخ بقوله :
ويقوّي هذا الترجيح أنّ مضاهاة التواريخ تُثبت لنا أنّ جمادى الأخرى من سنة ثلاث وثمانين بدأت يوم جمعة ، فيكون يوم الأربعاء قد جاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى في تلك السنة كما جاء في تاريخ الوفاة.
وقد ضاهينا هذا اليوم على التاريخ الافرنجي فوجدناه يوافق الرابع عشر من شهر يونيو ، أي يوافق إبّان الصيف في العراق ، وابن الرومي مات في الصيف كما يؤخذ من قول الناجم : أنَّه دخل عليه في مرضه الذي مات فيه وبين يديه ماءٌ مثلوجٌ ، فيجوز لنا على هذا أن نجزم بأنّ أصحّ التواريخ هو التاريخ الأوّل ، وهو يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين.
شهادته :
الأقوال بعد ذلك مجمعة على موت ابن الرومي بالسمّ ، وأنّ الذي سمّه هو القاسم بن عبيد الله أو أبوه. قال ابن خلّكان في وفيات الأعيان (١) (١ / ٣٨٦) : إنّ الوزير أبا الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب وزير الإمام المعتضد كان يخاف من هجوه وفلتات لسانه بالفحش ، فدسّ عليه ابن فراس فأطعمه خشكنانجة (٢) مسمومة وهو في مجلسه ، فلمّا أكلها أحسَّ بالسمّ ، فقام فقال له الوزير : إلى أين تذهب؟ فقال : إلى الموضع الذي بعثتني إليه. فقال له : سلّم على والدي. فقال له : ما طريقي على النار.
وقال الشريف المرتضى في أماليه (٢ / ١٠١) : إنّه قد اتّصل بعبيد الله بن سليمان بن وهب أمر عليّ بن العبّاس الرومي وكثرة مجالسته لأبي الحسين القاسم ، فقال لأبي
__________________
(١) وفيات الأعيان : ٣ / ٣٦١ رقم ٤٦٣.
(٢) الخشكنانجة : نوع من الخبز المحلّى بالسكّر.