وأمّا كتاب الشيخ المفيد فليس فيه إلاّ أنَّه أسماه ـ منسك الزيارات ـ وما المنسك إلاّ العبادة وما يؤدّى به حقّ الله تعالى ، وليست له حقيقة شرعيّة مخصوصة بأعمال الحجِّ وإن تخصّص بها في العرف والمصطلح ، فكلُّ عبادةٍ مرضيّةٍ لله سبحانه في أيِّ محلٍّ وفي أيّ وقت يجوز إطلاقه عليها ، وإذا كانت زيارة المشاهد والآداب الواردة والأدعية والصلوات المأثورة فيها من تلكم النسك المشروعة من غير سجود على قبرٍ ، أو صلاة إليه ، ولا مسألةٍ من صاحبه أوّلاً وبالذات ، وإنَّما هو توسّل به إلى الله تعالى لزلفته عنده وقربه منه ، فما المانع من إطلاق لفظ المنسك عليه؟
وقوله عمّا فيه من كذب وشرك فهو لدة سائر ما يتقوّل غير مكترث لِوَباله ، والكتاب لم يعدم بعدُ وهو بين ظهرانينا ، وليس فيه إلاّ ما يضاهيه ما في غيره من كتب المزار ، ممّا ينزِّل الأئمّة الطاهرين عمّا ليس لهم من المراتب ، ويثبت لهم العبّاس بوديّة والخضوع لسلطان المولى سبحانه ، مع ما لهم من أقرب الزلف إليه ، فما لهؤلاء القوم لا يفقهون حديثاً؟
١١ ـ قال : قد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترىً : أنّ هذه الآية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) نزلت في عليّ لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة ، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل (١ / ١٥٥). ثمَّ استدلَّ على كذب القول به بأوهام وتافهات طالما يكرِّر أمثالها تجاه النصوص ، كما سبق منه في حديث ردِّ الشمس ويأتي عنه في آية التطهير و (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وفي حديث المؤاخاة وأمثالها من الصحاح التي تأتي.
الجواب : ما كنت أدري أنَّ القحّة تبلغ بالإنسان إلى أن ينكر الحقائق الثابتة ، ويزعم أنَّ ما خرّجته الأئمّة والحفّاظ وأنهوا أسانيده إلى مثل أمير المؤمنين ، وابن عبّاس ، وأبي ذرّ ، وعمّار ، وجابر الأنصاري ، وأبي رافع ، وأنس بن مالك ، وسلمة