وحواضرها ومدنها وحتى في القرى والرساتيق ، تحتفي بها الشيعة ، وترى حرمتها من واجبها ، وتقول بحرمة تنجيسها وبوجوب إزالة النجاسة عنها ، وبعدم صحّة الصلاة بعد العلم بها وقبل تطهيرها ، وعدم جواز مكث الجنب والحائض والنفساء فيها ، وعدم جواز إدخال النجس فيها إن كان هتكاً ، وتكره فيها المعاملة والكلام بغير الذِّكر والعبادة من أمور الدنيا ، ومن فعل ذلك يُضرب على رأسه ويقال له : فضَّ الله فاك.
وتروي عن النبيّ وأئمّتها أنَّه لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد. إلى غيرها من الحرمات التي يتضمّنها فقه الشيعة ، وينوءُ بها عملهم ، وما يقام فيها من الجماعات ، وهذه كلّها أظهر من أن تخفى على من جاسَ خلال ديارهم أو عرف شيئاً من أنبائهم.
وأمّا تعظيمهم المشاهد فليس تشبّهاً منهم بالمشركين فإنَّهم لا يعبدون من فيها ، وإنّما يتقرّبون إلى المولى سبحانه بزيارتهم والثناء عليهم والتأبين لهم ، لأنَّهم أولياء الله وأحبّاؤه ، ويروون في ذلك أحاديث عن أئمتهم ، وفيما يُتلى هنالك من ألفاظ الزيارات شهادة واعتراف بأنَّهم (... عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (١).
وأمّا السبُّ على ما ذكر فهو من أكذب تقوّلاته ؛ فإنَّ الشيعة على بكرة أبيها تروي عن أئمّتها عليهمالسلام أنَّ الإسلام بُني على خمس : الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والولاية ، وأحاديثهم بذلك متضافرة. وتعتقد بأنَّ تأخير حجّة الإسلام عن سنتها كبيرة موبقة ، وإنّه يُقال لتاركها عند الموت : مُت إن شئت يهوديّا وإن شئت نصرانيّا.
أفمن المعقول أن تسبَّ الشيعة ، مع هذه العقائد والأحاديث وفتاوى العلماء المطابقة لها المستنبطة من الكتاب والسنّة ، من لا يستغني عن الحجِّ بالزيارة؟
__________________
(١) الأنبياء : ٢٦ ، ٢٧.