واضطراب كلمات أرباب المعاجم حول مذهب شاعرنا التنوخي وولده أبي عليّ منذ عهدهم إلى اليوم ينمُّ عن أنّهم كانوا يخفون مختارهم من المذهب ، وكانوا يظهرون في كلّ صقع وناحية نزلوا ما يلائم مذهب أهليها ، فقال الخطيب البغدادي في تاريخه ، والسمعاني في أنسابه ، وابن كثير في تاريخه ، وصاحب شذرات الذهب ، والسيّد العبّاسي في المعاهد ، وشيخنا أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين : إنّ المترجَم تفقّه على مذهب أبي حنيفة. ونصّ اليافعي في مرآة الجنان ، والذهبي في ميزان الاعتدال ، والسيوطي في البغية ، وأبو الحسنات في الفوائد البهيّة بأنّه حنفيُّ المذهب. وقال الخطيب البغدادي في تاريخه ، والسمعاني في أنسابه : إنّه كان يعرف الكلام في الأصول على مذهب المعتزله. وفي كامل ابن الأثير : كان عالماً بأصول المعتزلة. وفي لسان الميزان : إنّه يُرمى بالاعتزال ، وعدّه سيّدنا القاضي في مجالس المؤمنين من قضاة الشيعة ، وبذلك نصّ صاحب مطلع البدور ، ونقل صاحب نسمة السحر عن المسوري اليمني : أنَّه كان معتزليّ الأصول ، متشيِّعاً جدّا ، حنفيّ المذهب.
والذي يجمع بين هذه الشتات أنّ الرجل كان معتزليّ الأصول ، حنفيّ الفروع ، زيديّ المذهب ، ويؤكِّد مذهبه هذا ما ذكره معاصره المسعودي في مروج الذهب (١) (٢ / ٥١٩) من قوله : إنّه في وقتنا هذا ـ وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة ـ بالبصرة في جملة الزيديّين (٢). انتهى. وقصيدته البائيّة التي ذكرنا شطراً منها ترجّح كفّة التشيّع في ميزانه ، كما أنّ غير واحدة من قضايا ذكرها ولده أبو عليّ في كتابه الفرج بعد الشدّة نقلاً عن المترجم تؤذن بذلك.
وفاته
توفّي في عصر يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر ربيع الأوّل سنة (٣٤٢)
__________________
(١) مروج الذهب : ٤ / ٣٤١.
(٢) في النسخة : اليزيديّين. وهو تصحيف واضح. (المؤلف)