أيرى القصيميّ بعدُ أنَّ الشيعة قد انفردوا بما لم يقله أعلام قومه؟ أو رووا بحديث لم يروه حفّاظ مذهبه؟ أو أتوا بما يخالف مبادئ الدين الحنيف؟ وهل يسعه أن يتّهم ابن حجر والزرقاني ونظراءهما من أعلام قومه ، وحفّاظ نِحلته المشاركين للشيعة في تفضيل الذرّية؟ ويرميهم بالقول بعصمتهم؟ ويتحامل عليهم بمثل ما تحامل على الشيعة؟
وليس من البدع تفضّل المولى ـ سبحانه ـ على قوم بتمكينه إيّاهم من النزوع عن الآثام ، والندم على ما فرّطوا في جنبه ، والشفاعة من وراء ذلك ، ولا ينافي شيئاً من نواميس العدل ولا الأصول المسلّمة في الدين ، فقد سبقت رحمته غضبه ووسعت كلّ شيء.
وليس هذا القول المدعوم بالنصوص الكثيرة بأبدع من القول بعدالة الصحابة أجمع ، والله سبحانه يعرِّف في كتابه المقدّس أناساً منهم بالنفاق وانقلابهم على أعقابهم بآيات كثيرة رامية غرضاً واحداً ، ولا تنس ما ورد في الصحاح والمسانيد ومنها ما في صحيح البخاري من أنَّ أناساً من أصحابه صلى الله عليه وسلم يؤخذ بهم ذات الشمال ، فيقول : «أصحابي أصحابي ، فيقال : إنَّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم».
وفي صحيح آخر : «ليُرفَعَنَّ رجالٌ منكم ثمَّ لَيختلجُنَّ دوني ، فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيقال : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك!».
وفي صحيح ثالث : «أقول : أُصَيْحابي ، فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك!»
وفي صحيح رابع : «أقول : إنَّهم منّي ، فيقال : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول سحقاً سحقاً لمن غيَّر بعدي».
وفي صحيح خامس : «فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنَّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى!».
وفي صحيح سادس : «بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم ، خرج رجل من