بيني وبينهم ، فقال : هلمَّ. فقلت : أين؟ قال : إلى النار والله.
قلت : وما شأنهم؟ قال : إنَّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى. ثمَّ إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجلٌ من بيني وبينهم فقال : هلمَّ. قلت : أين؟ قال : إلى النار والله. قلت : ما شأنهم؟ قال : إنَّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هَمَل النعم» (١).
قال القسطلاني في شرح صحيح البخاري (٢) (٩ / ٣٢٥) في هذا الحديث : هَمَل بفتح الهاء والميم : ضوالُّ الإبل ، واحدها : هامل. أو : الإبل بلا راعٍ. ولا يقال ذلك في الغنم ، يعني : أنّ الناجي منهم قليلٌ في قلّة النعم الضالّة ، وهذا يشعر بأنّهم صنفان : كفّار وعصاة. انتهى.
وأنت من وراء ذلك كلّه جِدُّ عليم بما شجر بين الصحابة من الخلاف الموجب للتباغض والتشاتم والتلاكم ، والمقاتلة القاضية بخروج إحدى الفريقين عن حيّز العدالة ، ودع عنك ما جاء في التاريخ عن أفراد منهم من ارتكاب المآثم والإتيان بالبوائق.
فإذا كان هذا التعديل عنده وعند قومه لا يستتبع لوماً ولا يعقب هملجة ، فأيّ حزازةٍ في القول بذلك التفضّل الذي هو من سنّة الله في عباده؟ (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٣).
وأمّا ما أردفه في الاستناد إلى كلام سيّدنا الأمين في أعيان الشيعة (٤) (٣ / ٦٥) فإنّي ألفت نظر القارئ إلى نصّ عبارته حتى يعرف مقدار الرجل من الصدق والأمانة
__________________
(١) راجع صحيح البخاري : ٥ / ١١٣ و ٩ / ٢٤٢ ـ ٢٤٧ [٣ / ١٢٢٢ ح ٣١٧١ و ٥ / ٢٤٠٤ ـ ٢٤٠٧ ح ٦٢٠٥ ، ٦٢١١ ـ ٦٢١٥]. (المؤلف)
(٢) إرشاد الساري : ١٣ / ٦٨٦ ح ٦٥٨٧.
(٣) فاطر : ٤٣.
(٤) أعيان الشيعة : ١ / ٣٧٠.