بغداد (١) وغيره ، غير أنّ جزالة شعره ، وجودة تشبيهه ، وحسن تصويره ، لم يدع لأرباب المعاجم منتدحاً من إطرائه.
وفي فهم المعنى الذي لا يبارح الخلافة والإمامة من لفظ المولى من مثل الزاهي العارف بمعاريض الكلام ، والمتسالم على تضلّعه في اللغة والأدب العربيّ ، وبثِّه في نظمه لَحجّةٌ قويّةٌ على الصواب الذي ترتئيه الشيعة في الاستدلال بحديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام.
وُلد الزاهي يوم الإثنين لعشر ليالٍ بقين من صفر سنة (٣١٨) كما نصّ به ابن خلّكان نقلاً عن طبقات الشعراء لعميد الدولة. وتُوفّي ببغداد يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة (٣٥٢) في رواية عميد الدولة ، ودفن في مقابر قريش. أو بعد سنة (٣٦٠) فيما قاله الخطيب نقلاً عن التنوخي. وأرّخه السمعاني كذلك نقلاً عن الخطيب.
ولمّا لم يكن في المعاجم عناية بشعره المذهبيّ الراقي ، فنحن نذكر منه شطراً. فمن ذلك قوله يمتدح به أمير المؤمنين عليهالسلام :
يا سادتي يا آلَ ياسينَ فقطْ |
|
عليكمُ الوحيُ من اللهِ هَبَطْ |
لولاكمُ لم يُقْبَلِ الفرضُ ولا |
|
رحنا لبحر العفو من أكرمِ شَطْ |
أنتمْ وُلاةُ العهدِ في الذرِّ ومنْ |
|
هواهمُ اللهُ علينا قد شَرَطْ |
ما أحدٌ قايسَكمْ بغيرِكم |
|
ومازجَ السلسلَ بالشرب اللمَطْ (٢) |
إلاّ كمن ضاهى الجبال بالحصى |
|
أو قايس الأبحرَ جهلاً بالنقَطْ |
صنوُ النبيِّ المصطفى والكاشف ال |
|
ـغمّاء عنه والحسامُ المخترَطْ |
__________________
(١) تاريخ بغداد : ١١ / ٣٥٠ رقم ٦١٩٤.
(٢) اللمط : المضطرب العكِر.