الحواضر المهمّة ، ولِمَ لم يشهد هذه الأحوال أحد من أهل النجف الذين وُلدوا فيها ، وفيها ينشأون ، وفيها يموتون ، وهي وفنادقها وأطفالها وزوّارها بمرأى منهم ومسمع؟ ولعلَّ الرائد الكذّاب يحسب أنَّ مشهوداته هذه لا تُدرك بعين البصر وإنَّما أدركها بعين البصيرة ، فهلمَّ واضحك.
٦ ـ قال : فهم ـ يعني الإيرانيِّين ـ يبغضون أهل العراق ويطمحون إلى تملّك بلادهم يوماً ، وهم جميعاً يمقتون العرب المقت كلّه ويتبرَّؤون منهم ، ويقولون بأنَّ العرب رغم أنّهم أدخلوا الإسلام في بلادهم واحتلّوها طويلاً ، فإنّ فارس حافظت على شخصيّتها ولغتها ، وهم ينظرون إلى العرب نظرة احتقارٍ ، ويفاخرون بأنّهم من أصل آريّ لا ساميّ (ص ١٣٦).
الجواب : لا أحسب ـ وايمن الله ـ إلاّ أنّ هذا الرجل يريد تفريق كلمة المسلمين وتفخيذ أمّةٍ عن أمّةٍ بأباطيله ، والواقف على ما بين العراقيّين والإيرانيّين من الجوار وحقوقه المتبادلة بين الأمّتين ، واختلاف كلٍّ منهما إلى بلاد الأخرى ، ونزول الإيرانيّ ضيفاً عند العراقيّ وعكسه كالنازل في أهله ، وما يجري هنالك من الحفاوة والتبجيل ، وما جمع بينهما من الوحدة الدينيّة والجامعة المذهبيّة ، إلى غيرهما من أواصر الأُلفة والوداد ، ونظر الإيرانيّ إلى كلّ عراقيّ يرد بلاده من المشاهد المقدَّسة نظر تقديس وإكبار ، فلا يستقبله إلاّ بالمصافحة والمعانقة والتقبيل ، وما يقدِّسه كلُّ مسلم ـ وفيهم الإيرانيّون ـ من لغة الضاد بما أنَّها لغة كتابهم العزيز ، جِدُّ (١) عليمٍ بأنَّ الرجل أكذب ناهضٍ لشقِّ عصا المسلمين ، ولعمري لم تسمع أُذني ولا أذن أحدٍ غيري تلك المفاخرة التافهة من أيّ إيرانيّ عاقل.
٧ ـ قال : السيّارات الكبيرة تمرُّ تباعاً بين طهران وخراسان ذهاباً ورجعةً في كثرةٍ هائلةٍ ، كلّها تحمل جماهير الحجّاج ، ويقولون بأنَّ هذا الخطّ على وعورته أكثر
__________________
(١) خبر لقوله السابق : والواقف على.